ولاشك أنه من البدع المذمومة ففى "الدر المختار" أنها بدعة مكروهة تحريمًا عند
أبى حنيفة لا عند أبى يوسف ومحمد، وأما التأمين عند الدعاء والترضى عن الصحابة والدعاء للسلطان فمكروه اتفاقًا. أهـ.
وفى "البحر": اعلم أن ما تعورف من أن المرقى للخطيب يقرأ الحديث النبوى وأن المؤذنين يؤمنون عند الدعاء ويدعون للصحابة بالترضى وللسلطان بالنصر إلى غير ذلك فكله حرام على مقتضى مذهب أبى حنيفة (١) رحمه الله، وأغرب منه أن المرقى ينهى عن الأمر بالمعروف بمقتضى الحديث الذى يقرؤه ثم يقول: أنصتوا رحمكم الله ولم أر نقلًا في وضع هذا المرقى في كتب أئمتنا. اهـ.
وفى كتب السادة المالكية ومن البدع المكروهة التى ابتدعها أهل الشام وهم بنو أمية: الترقية، وما يقوله المرقى من: صلوا عليه، وآمين، ورضي الله عنهم، فهو مكروه، وكذا قوله الحديث عند فراغ المؤذن قبل الخطة: إنما اتبعوا في ذلك أهل الشام وخالفوا الوارد عن الشرع، وفى شرح "أقرب المسالك" للعارف الدردير: ومن البدع المحرمة ما يقع بدكة المبلغين بالقطر المصرى من الصريخ على صورة الغناء
والترنم، ولا ينكر عليهم أحد من أهل العلم. انتهى.
ومعلوم أن الاتباع خير من الابتداع، فإن الابتداع شر كله، وقد تركت اليوم بدعة الترقية في المساجد الشهيرة لشجاعة خطبائها وغيرتهم على السنة.
ومن البدع ما يسمى بالأولى والثانية، أعنى ما يقع قبل الزوال يوم الجمعة من الدعاء إليها بالذكر والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحو ذلك ولا خلاف في أن ذلك لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا عهد السلف الصالح، إنما النظر في استحسانه وذمه فقال فريق: إنه من البدع المستحسنة المندوبة لأنَّه لغرض التنبيه على قرب صلاة الجمعة ليستعد الناس لها بالاغتسال والطيب ولبس أحسن الثياب والتبكير
(١) لا وجه لقصر ذلك على مذهب الإمام فإنه لا خلاف بينهم إلَّا في الترقية كما في "الدر" وحواشيه.