للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (١). فقد جعل سبحانه وتعالى علامة محبته اتباع الرسول - عليه الصلاة والسلام - فمن لم يتبع الرسول وادعى محبة الله تعالى فهو كاذب فما دعواه، فإن عصيان الرسول عصيان لله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (٢). وعصيان الله تعالى ينافى محبته:

تعصى الإله وأنت تظهر حبه … هذا لعمرى في القياس شنيع

لو كان حبك صادقا لأطعته … إن المحبَّ لمن يُحب مطيع

ثم رتب على اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - حب الله تعالى ورضاءه ومثوبته، فالخير في اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - والشر في مخالفة سنته، قال ذو النون المصرى: من علامة الحب لله متابعة حبيب الله - صلى الله عليه وسلم - في أخلاقه وأفعاله وأمره وسنته، وكيف لا ونبينا صلوات الله وسلامه عليه هو المبلغ للكتاب الناطق بالحق والصواب {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (٣) وقال تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (٤) هو الإسلام. وقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} (٥).

فإذًا الواجب علينا معاشر المسلمين اتباعه في جميع أقواله وأفعاله والتأسى به في سائر أحواله. قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (٦)،

وما أخبث رجلًا ترك سبيل السنة الشارحة للكتاب، واستبدل العذب بالعذاب: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (٧)، وقال تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} (٨). وسر تكرير الفعل الدلالة على أن ما يأمر به رسول الله صلوات الله وسلامه عليه تجب طاعته فيه وإن لم يكن مأمورًا به بعينه في القرآن، فتجب طاعة الرسول مفردة كما تجب مقرونة بأمره سبحانه، فهو إذًا مستقل بالطاعة كما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يوشك رجل شبعان متكئ على أريكته يأتيه الأمر من أمرى فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله ما وجدنا فيه من شيء اتبعناه. ألا إنى قد أوتيت


(١) [سورة آل عمران: الآية ٣١].
(٢) [سورة النساء: الآية ٨٠].
(٣) [سورة النجم: الآية ٣].
(٤) [سورة الشورى: الآية ٥٢]
(٥) [سورة الأحزاب: الآية ٢١]
(٦) [سورة الحشر: الآية ٧]
(٧) [سورة النور: الآية ٦٣].
(٨) [سورة النور: الآية ٥٤].

<<  <   >  >>