للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بصوته والتغنى به وزيادة علوه كما يقع كثيرًا في زماننا فلا يبعد بطلان صلاته حينئذ، ففى "الدر المختار": "صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آخر صلاته قاعدًا والناس

خلفه قيام وأبو بكر يبلغهم تكبيره" وبه علم جواز أصل رفع الصوت للمبلغ، أما ما تعارفوه في زماننا فلا يبعد أنه مفسد إذ الصياح ملحق بالكلام. انتهى فتح، وفى "حواشى الدر" زيادة على هذا فارجع إليها إن شئت.

وعند السادة المالكية: الأفضل أن يرفع الإمام صوته يستغنى عن مسمع (مبلغ).

وقالت السادة الشافعية: يسن للإمام ومثله المبلغ أن يجهر بالتكبير والتسميع إن احتيج إليه فإن لم يحتج إلى الجهر المذكور كان مكروهًا وعلى كل حال إذ قصد الإمام أو المسمع بتكبيره الذكر فقط أو مع الإعلام صحت صلاته وإن قصد الإعلام فقط أو أطلق بطلت على المعتمد، وقصد الذكر شرط عند كل تكبير. هذا حكم التبليغ في المذاهب الأربعة.

فتحصل أن التبليغ له أصل في السنة، وأن غالب الناس وضعوه في غير موضعه واستعملوه على غير كيفيته بما علمت، وبأنك ترى خلف الإمام مأمومًا واحدًا يرفع صوته بكيفية مزعجة، ويقع مثل ذلك إذا كان خلفه اثنان أو ثلاثة مثلًا. وقد يكون المسجد صغيرًا يعمه صوت أضعف إمام ويقع التبليغ فيه على وجه يشوش على من بالمسجد، والتشويش حرام بلا خلاف، نسأل الله تعالى السلامة والهداية.

ومن البدع المكروهة تمكين الأطفال من المسجد، ففى الحديث عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وخصوماتكم وبيعكم وشراءكم وسل سيوفكم ورفع أصواتكم وإقامة حدودكم وجمروها أيام جمعكم واجعلوا مطاهركم على أبواب مساجدكم" أخرجه المنذرى. جمروها: كبخروها وزنًا ومعنى، والمطاهر: جمع مِطْهرة بالكسر والفتح لغة: وهو كل إناء يتطهر به،

وذلك لما فيه من الامتهان وعدم صيانته لاسيما إذا كان لتعليم القرآن فيه؛ لأن عدم الصيانة محقق كما هو مشاهد، فخير مافعلت الرياسة الدينية، من تطهير الجامع الأزهر الشريف بإخراج مكاتب الصبيان منه، ومن

<<  <   >  >>