للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكيف السكوت على هذا من زوج أو ذى غيرة على الدين والعرض!؟ فلا حول ولا قوة إلَّا بالله.

ومن هذه المفاسد ما يقع عند الموتى ممَّا يكرهونه ويتأذون منه، من الجلوس على المقابر والوطء عليها، فعن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر" رواه مسلم وأبو داود والنسائى وابن ماجه، وكذا الاستناد إليها، فعن عمرو ابن حزم قال: رآنى النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم متكئًا على قبر فقال: "لا تؤذ صاحب هذا القبر" رواه الإمام أحمد، وكذا البول والتغوط عندها وكثرة اللغط الذى يكون من الازدحام والبيع والشراء وأصوات الأراجيح وغيرها من كل ما يخالف الدين ويحول بين القلوب والخشية، وبين الموتى والرحمة مع أن قصد الزيارة إنما هو نوال الإحسان إلى نفس الزائر وإلى الميت.

(أما إحسانه إلى نفسه) فبتذكر الموت والآخرة والزهد في الدنيا والاتعاظ بحال الميت كما في الحديث: "زوروا القبور فإنها تذكر الموت" رواه مسلم وغيره، وعن على رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إنى كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنها تذكركم الآخرة" رواه الإمام أحمد. وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة" رواه ابن ماجه. وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنى كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإن فيها عبرة" رواه الإمام أحمد.

وذلك أن الإنسان إذا شاهد القبور، وتذكر الموت وانقطاع هذه الحياة، وانقضاء ما ألفه من اللذات والشهوات، وتفكر فيما يصير إليه من ضيق اللحود وصولة الدود، وهو لا يدرى ما يؤول إليه من شدة الحساب وصعوبة الجواب، دخل قلبه الروع وحضرته الخشية وكان له ذلك عظة واعتبارًا، وكان الربيع بن خيثم إذا وجد غفلة خرج إلى القبور وبكى ويقول: كنا وكنتم، ثم يحيى الليل كله فيصبح كأنه نشر من قبره، وهذا

<<  <   >  >>