للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القبور، وقد تقدم أول الفصل، ثم يدنو من الميت دنوه منه حيًّا عند زيارته ولا يستلم القبر ولا يقبله، ثم يقوم في قبلة الميت ويستقبله بوجهه عند السلام عليه وعند الدعاء له يستقبل القبلة وهو مخير

في أن يقوم في ناحية رجليه إلى رأسه وقبالة وجهه، ثم يثنى على اللّه تعالى بما حضره من الثناء ثم يصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يدعو للميت بما أمكنه وبالمأثور أحب، أن يجتهد في الدعاء له فإنه أحوج الناس إليه لانقطاع عمله. هذا هو المأثور عنه - صلى الله عليه وسلم - في زيارته لأهل البقيع، وإذا دعا اللّه عند هذه القبور في نازلة نزلت به أو بالمسلمين وتضرع إلى اللّه تعالى وحده في زوالها وكشفها عنه فلا بأس به.

(ويتصل) بهذا المقام أربع مسائل ينبغى للمرشد أن يكون فيها على بصيرة:

(المسألة الأولى): الرحلة لزيارة مشاهد الخير وقبور الصالحين من الصحابة والتابعين وسائر العلماء والأولياء بقصد التبرك بها والصلاة في المواضع الفاضلة (حرمها) قوم، منهم الجوينى شيخ إمام الحرمين والقاضى حسين من الشافعية والقاضى عياض من المالكية وشيخ الإسلاء ابن تيمية من الحنايلة، واستدلوا بما في الصحيحين من حديث أبى هريرة -رضى اللّه عنه- وأبى سعيد قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تشدوا الرحال إلا لثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدى هذا، والمسجد الأقصى" وبأن زيارة الأولياء بدعة لم تكن في زمن السلف، وبأن الرحلة إلى الزيارة تؤدى إلى ارتكاب كثير من المحظورات، كاختلاط الرجال بالنساء، وحضور أمكنة اللهو التى تقام عادة عند الولى المعتاد الرحلة إليه، وسماع الغناء الممنوع سماعه.

(وأجازها) قوم، منهم الإمام الغزالى، حيث قال: وما تبين لي أن الأمر ما ذكره هؤلاء الذين تمسكوا بالحديث "من حمل النهى على التحريم" بل الزيارة مأمور بها قال - صلى الله عليه وسلم -: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هُجْرًا" رواه مسلم. الهُجْر -بالضم-: الفحش، والحديث إنما ورد في المساجد (لأجل الصلاة فيها) وليس في معناها الْمَشَاهِد؛ لأن المساجد بعد المساجد الثلاثة متماثلة ولا بلد إلا وفيه مسجد، فلا معنى

<<  <   >  >>