عند العلماء فيمن نذر على نقسه الصلاة في مسجد من سائر المساجد غير الثلاثة المذكورة.
قال الإمام مالك رحمه اللّه: من نذر صلاة في مسجد لا يصل إليه إلا براحلة فإنه يصلى في بلده إلا أن ينذر ذلك في مسجد مكة أو المدينة أو بيت المقدس فعليه السير إليها، وقال ابن بطال: وأما من أراد الصلاة في مساجد الصالحين والتبرك بها متطوعًا بذلك فمباح إن قصدها بأعمال المطى وغيره، ولا يتوجه إليه الذى في هذا الحديث.
وله محامل أخرى أحسنها أن المراد منه حكم المساجد فقط وأنَّه لا يشد الرحل إلى مسجد من المساجد للصلاة فيه، فأما قصد غير المساجد من الرحلة في طلب
العلم وزيارة الصالحين والمشاهد وزيارة الإخوان، وفى التجارة والتنزه وما إلى ذلك فليس داخلًا في النهى، وقد رد ذلك مصرحًا به في بعض طرق الحديث في "مسند أحمد" من حديث أبى سعيد الخدرى -رضي الله عنه- وذكر عنده صلاة في الطور فقال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "لا ينبغى للمصلى أن يشد رحاله إلى مسجد يبتغى فيه الصلاة غير المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدى هذا" وإسناده حسن وهو ما درج عليه حجة الإسلام الغزالى فيما سبق عنه.
(وصفوة القول) أن السفر إلى أي مسجد غير هذه الثلاثة للصلاة فيه منهى عنه، أما هذه الثلاثة فلا، لما لها من المزايا، وأن من نذر إتيان المساجد الثلاثة لزمه ذلك عند الإمام مالك وأحمد، وقال أبو حنيفة: لا يجب مطلقًا، وقال الإمام الشافعى في "الأم": يجب في المسجد الحرام لتعلق النسك به، بخلاف المسجدين الآخرين، وهذا هو المنصوص عليه لأصحابه.
أما من نذر إتيان غيرها لصلاة، أو أعتكاف لا يلزمه؛ لأنَّه لا فضل لبعضها على بعض فتكفى صلاته مثلًا في أي مسجد كان، وهو كالمجمع عليه، على ما قال الإمام النووى.
وأما السفر لزيارة الأنبياء، والأولياء، والعلماء، والشهداء والصالحين فخارج عن موضوع الحديث، واللّه تعالى ولى التوفيق والهداية.
(المسألة الثانية): إلاستعانة بالمخلوق، بهذا الاستعانة به إن كان ذلك فيما يقدر عليه نحو الحيلولة بينه وبين عدوه ودفع الصائل عنه من لص أو