الإذعان الذى وقر في النفس وصدقه العمل، فإنهم رتبوا غفر الذنوب وحط السيئات على إجابة الداعى إلى الإيمان بالإيمان وصالح العمل؛ وهذا أيضًا توسل بالطاعات وأصلها في مقام الابتهال إليه سبحانه وتعالى.
ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حكى عن الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة أن كل واحد منهم توسل إلى اللّه تعالى بأعظم عمل عمله فارتفعت الصخرة، فعن ابن عمر -رضى اللّه عنهما- قال: سمعت رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يقول: "انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى غار فدخلوه فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم
الغار فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا اللَّه بصالح أعمالكم، قال رجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت لا أغبق قبلهما أهلًا ولا مالًا فنأى بى طلب الشجر يومًا فلم أرح عليهما حتى ناما فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين فكرهت أن أوقظهما وأن أغبق قبلهما أهلًا أو مالًا، فلبثت والقدح على يدى أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر والصبية يتضاوغون عند قدمى فاستيقظا فشربا غبوقهما، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة فانفرجت شيئًا لا يستطيعون الخروج منه.
وقال الآخر: اللهم إنه كانت لي ابنة عم كانت أحب الناس إلى، فأردتها على نفسها فامتنعت منى حتى ألمت بها سنة من السنين، فجاءتنى فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلى بينى وبين نفسها، فلما قعدت بين رجليها قالت: اتق اللَّه ولا تفض الخاتم إلا بحقه فانصرفت عنها وهى أحب الناس إلى وتركت الذهب الذى أعطيتها، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها.
وقال الثالث: اللهم إنى استأجرت أُجُرَاء وأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذى له وذهب، فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءنى بعد حين، فقال: يا عبد اللَّه أد إلى أجرى، فقلت: كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فقال: يا عبد اللَّه لا تستهزئ بى، فقلت: لا أستهزئ بك، فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئًا، اللهم إن كنت