للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنه رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فأخذها مثل الموت، فأتت بابه فلم تجد على بابه بوابين، فقالت: يا رسول الله لم أعرفك، فقال: "إنما الصبر عند أول صدمه"، أو قال: "عند أول الصدمة" رواه مسلم، ومعناه: الصبر الكامل الذى يترتب عليه الأجر الجزيل لكثرة المشقة فيه، وأصل الصدمة: الضرب في شيء صلب ثم استعمل مجازًا في كل مكروه حصل بغتة.

وعلى الولى أن يمنع النساء من الوقوع فيما لا ينبغى خوفًا من الوقوع في النهى الصريح، فقد روى البخارى ومسلم والترمذى والنسائى عن عبد الله بن مسعور

- رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية"، وروى الترمذى عن أبى موسى الأشعرى -رضى الله عنه- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما من ميت يموت فيقوم باكيهم فيقول: واجبلاه وسنداه (١) إلا وكل الله به ملكين ينتهرانه ويقولان له: أهكذا كنت .. "، وروى البخارى عن النعمان بن بشير قال: "أغمى على عبد الله بن رواحة فجعلت أخته عمرة تبكى وتقول: واجبلاه واكذا واكذا تعدد عليه، فقال حين أفاق: ما قلت شيئًا إلا وقيل لي: كنت كذا، فلما مات لم تبك عليه".

وعلى من رأى أحدًا يرتكب نحو ذلك أن يمنعه بلين ورفق، فإن لم يرجع أقام عليه سطوة الشرع ولا يتركه لأجل ما ينزل به؛ لأن الشرع قرر ما قرر فيه بقوله عليه الصلاة والسلام: "فإذا وجبت فلا تَبكينَّ باكية" أي فلا يتعدى ما حده عليه الصلاة والسلام، ووجبت: مات، والحديث محمول على رفع الصوت أو مخصوص بالنساء لأنَّه قد يفضى بكاؤهن إلى النياحة فيكون من باب سد الذرائع فلا يعارض ما يأتى من جواز البكاء الخالى من الندب ورفع الصوت قبل الموت وبعده.

ومعلوم أن السنة عند الاحتضار السكون وتطييب الميت إكرامًا للقاء الملائكة، وأن يحضره إذ ذاك أهل الخير والصلاح من الأهل والأصحاب فيلقنونه كلمة التوحيد برفق لحديث: "لقنوا موتاكم لا إله إلَّا الله" أي من قرب موته، رواه أصحاب السنن إلا البخارى. والمراد ذكروه (لا إله


(١) ومثله قول نساء اليوم: يا سبعى، يا على، يا سندى، ونحو ذلك.

<<  <   >  >>