للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومات بالمدينة، والمراد بالصعيد هنا: عوالى المدينة، وأصل الصعيد في اللغة: وجه الأرض سواء كان عليه تراب أو لا، قاله الخليل وابن الأعرابى والزجاج. قال الزجاج: لا أعلم فيه خلافًا بين أهل اللغة.

ومن البدع أن يأنف الإنسان من حمل الجنازة حتى صار هذا في الأمصار شعار طائفة من الحانوتية مع أنه لا دناءة في حملها، بل هو مكرمة وبر فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم الصحابة فمن بعدهم (ومن هذا أيضًا) نفرة الناس من تغسيل الميت حتى أصبح لا يتولى أمره إلا قوم اتخذوا تغسيل الميت وحمله حرفة لهم وهم فسقة جهلة بواجبات الغسل وسننه، وكيف النفرة منه وهو من الأمور الأربعة التى تجب على الحى في حق أخيه المسلم وهى تغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه على ما هو معلوم في الفروع.

والسنة في الغاسل ومن يعينه أن يكون أمينًا ومن أهل الديانة، فعن على -رضى الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من غسل ميتًا وكفنه، وحنطه، وحمله،

وصلى عليه، ولم يفش عليه ما رأى خرج من خطيئته مثل ما ولدته أمه" رواه ابن ماجه، ولم يكن للسلف الصالح رضوان الله عليهم غاسل ولا حمال بأجرة، بل كانوا يغسل بعضهم بعضًا ويحمل بعضهم بعضًا فيتزاحمون على النعش ابتغاء الثواب ورضوان الله.

ومن البدع المذمومة التى تخالف الشرع الشريف، وتنافى قوانين الاقتصاد المغالاة في الكفن فيبتاعون منه ما غلا ثمنه ودقت صنعته، وربما كانوا يضنون به عليه أيام حياته، ويتسلون في هذا الإسراف الذميم بقولهم: ذهب الغالى فلا أسف على الرخيص، وتلك حجة داحضة واهية لا يحتاج في أدحاضها إلى تفكير.

السنة في الكفن: أن يكون ت من ثياب القطن البيضاء، وأن تكون ثلاثة فقط، روى مسلم من حديث عائشة - رضي الله عنها - "إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كفن في ثلاثة أثواب يمانية بيض سحولية من كرسف ليس فيها قميص ولا عمامة". سحولية بفتح السين وضمها: نسبة إلى سحول بلدة باليمن تجلب منها الثياب، والكرسف: القطن. وعن على -رضى اللّه عنه- قال: قال رسول الله

<<  <   >  >>