فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان"، قيل: وما القيراطان؟ قات: "مثل الجبلين العظيمين" متفق عليه، وفى رواية البخارى: "من اتبع جنازة مسلم إيمانًا واحتسابًا وكان معه حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أُحد، ومن يصلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط" إلى غير ذلك ممَّا يؤكد هذه المجاملات التى تجمع القلوب وتغرس فيها المحبة والوئام، والتى في إهمالها تفرق القلوب وانطواؤها على العداوة والبغضاء، ولعيادة المريض آداب سيأتى بيانها في بدع المعاشرة والعادات.
ومن البدع قول البعض عقب الصلاة عليها بصوت مرتفع: ما تشهدون فيه؟ فيقول الحاضرون كذلك (كان من الصالحين) ونحوه فإن ذلك الاستشهاد لم يقع في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا في عهد القرون المشهود لهم بالخير، ولأنه مدعاة للإخبار بالكذب، فإن جوابهم على هذا الاستشهاد مطرد بأنه من أهل الخير حتى في الأموات المعروفين بالفسق المجاهرين بالفجور وهؤلاء الأولى حينئذ ذكرهم بالشر للتحذير من طريقهم والاقتداء بهم والتخلق بأخلاقهم وما ورد من النهى عن سب الأموات فهو في غير المنافق والكافر، وفى غير المجاهرين بفسق أو بدعة (وإنما) الذى وقع في زمنه - صلى الله عليه وسلم - أنه مر بجنازة فأثنى عليها بخير فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "من أثنيتم عليه خيرًا وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شرًّا وجبت له النار أنتم شهداء الله في الأرض". وأصل الحديث عن أنس -رضي الله عنه- قال: مر بجنازة فأثنى عليها بخير فقال نبى اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "وجبت وجبت وجبت"، ومر بجنازة فأثنى عليها بشرٍّ،
فقال نبى الله - صلى الله عليه وسلم -: "وجبت وجبت وجبت"، فقال عمر: فداك أبى وأمى مر بجنازة فأثنى عليها بخير فقلت: وجبت وجبت وجبت، ومر بجنازة فأثنى عليها بشر فقلت: وجبت وجبت وجبت. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أثنيتم عليه خيرًا وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شرًّا وجبت له النار أنتم شهداء الله في الأرض" رواه البخارى ومسلم واللفظ له.
أما طلب الشهادة والإجابة عنه فلم يعهد، ثم إن هذا الحديث محمول