على ما إذا طابق الثناء الواقع أو لم يكن الميت معلومًا حاله، الأن من استحق إحدى الدارين لا يصير من أهل غيرها بقول مخالف للواقع وكل نفس بما كسبت رهينة.
ومن البدع الطواف بها حول الأضرحة كضريح الإمام الحسين والسيدة زينب -رضى اللّه عنهما-، ثم يوقف بها عند باب الضريح ويأتى خادمه يقول كلمات كالمستشفع لها عند صاحب الضريح فهذا لم يعهد عن الشرع وأهله، وقد يجر إلى إفساد عقائد العامة مع ما فيه من فوات الإسراع بالدفن. ومثل ذلك الطواف بها حول القرية أو السير بها من أبعد الطرق إلى المقابر مع الهوينا والسنة إكرام الميت بالتعجيل، ففى سنن أبى داود: أن طلحة بن البراء بن عازب -رضى اللّه عنهما- مرض فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده فقال:"إنى لا أرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت فآذنونى به وعجلوا به فإنه لا ينبغى لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهرانى أهله"، وفى الصحيحين عن أبى هريرة -رضى اللّه عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم". قد ورد:"لا تدبوا بها كدبيب اليهود".
ومن البدع الإضافية ما يقع من حملة القرآن في قرى مصر من قراءة العشر عند وضع الجنازة في المسجد قبل الصلاة عليها فإن ذلك لم يكن على عهد رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - ولا عهد السلف الصالح من بعده مع ما فيه أيضًا من تفويت سنة الإسراع بالدفن.
ثم إن الجنائز اليوم صارت من مواطن الافتخار والرياء فترى أهل الميت يجتهدون أن يكون المشهد محل إعجاب الناس وحديثهم، ومن هنا سهل على الشيطان أن يزين لهم كثيرًا من البدع وأن يتبعوا في جنائزهم سنن اليهود والنصارى فيسيرون بها على نظام محكم، وربما جئ بطائفة من الجند أو بقوم لهم زى خاص
يحملون المجامر والآباريق (القماقم) أو بجماعة يسكنون التكايا من الأكراد والجراكسة، وربما جاءوا بآلات الملاهى تضرب لهم أمام الجنازة بألحان الحزن، فانظر إلى غرض الشارع من تشييع الجنازة وهو الاتعاظ والاعتبار بالموت