فقد كان متحركًا فسكن، ومتصرفًا فأصبح مكفوف اليد ومطلقًا فأمسى سجينًا وفى جماعة فبات وحيدًا، وإن تدبر ذلك يؤدى إلى اتباع الشرع ونبذ المفاخر والإسراف ظهريًّا، فينتفع المشيعون وينتفع بهم الميت بالشفاعة له.
عن أبى سعيد الخدرى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عودوا المريض واتبعوا الجنائز تذكركم الآخرة" رواه أحمد والبزار وابن حبان في صحيحه، وأنى هذا مع ارتكاب هذه المنكرات.
(ومنها) تزيين النعش بأفخر الثياب بحسب حال الميت من ذكورة وأنوثة وكبر وصغر وحرفة فيضعون عليه علائم الحرير وساعات الذهب وأنواع الرياحين والوسامات والنياشين إن كان من أهلها وحلى المرأة وطربوش الرجل وكل هذا ليس من السنة ولم يؤثر عن السلف الصالح شيء منه مع ما فيه من إضاعة المال وإظهار الجزع أو الرياء.
ومن البدع السيئة الجهر بالذكر أو بقراءة القرآن أو البردة أو دلائل الخيرات ونحو ذلك، وكل هذا مكروه للإجماع على أن السنة في تشييع الجنازة السكوت وجمع الفكر للتأمل في الموت وأحواله وعليها عمل السلف رضوان الله عليهم ولا يقال: إنه بدعة مستحسنة لأن محل استحسان البدعة إذا لم تكن مصادرة لفعل المصطفى - صلى الله عليه وسلم - فضلًا عن كون الاستحسان لا يكون إلا أهل الحل والعقد الذين لا يقدمون على ذلك إلا بعد إذن النبي عليه الصلاة والسلام لهم صريحًا كما نص عليه الإمام الشعرانى وغيره من المحققين، وأين هم؟
فالصواب عدم رفع الصوت بشيء وترك كل ما خالف سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - اتباعًا لفعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والسلف الصالح إذ الخير كله في الاتباع وكل الشر في الابتداع، قال الله تعالى في كتابه العزيز:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}(١) فقد جعل العلامة على محبة العبد لمولاه اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم -. أخرج ابن أبي حاتم أن الحسن البصرى