للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-رضى اللّه عنه- قال:

كان قوم يزعمون أنهم يحبون الله فأراد الله أن يجعل لقولهم تصديقًا من عمل فأنزل هذه الآية.

فمن ادعى محبة الله تعالى ولم يتبع هدى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهو كذاب، وكتاب الله تعالى يكذبه، وقال تعالى: { … وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (١). وسبيل المؤمنين هو: الكتاب والسنة، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ليس منا من عمل بسنة غيرنا"، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله تعالى يحب الصمت عند ثلاث: عند تلاوة القرآن، وعند الزحف، وعند الجنازة" رواه الطبرانى في "الكبير" عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه -، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكره أن تتبع الجنازة بنياحة أو مجمرة أو راية، ولكراهة النبي -صلى الله عليه وسلم- لرفع الصوت مع الجنازة ولو بذكر وقراءة القرآن شنعت الصحابة -رضى اللّه عنهم- على من رفع صوته بقوله: استغفروا للميت حيث قالوا: لا غفر الله لك، مع أنه لفظ قليل دال على طلب الدعاء من الحاضرين للميت المحتاج إليه، فما بالك باللغط الواقع الآن.

وقال في "المدخل" ما ملخصه: العجب من أهل الميت يأتون بجماعة يسمونهم بالفقراء يذكرون أمام الجنازة وهو من الحدث في الدين ومخالف لسنة سيد المرسلين وأصحابه والسلف الصالح، يجب منعه على من له قدرة مع الزجر والأدب، ويزيد بعضهم زعقات النساء من خلفهما وكشف الوجوه واللطم على الخدود وما أشبه ذلك، وكله ضد ما كانت عليه جنائز السلف، لأن جنائزهم كانت على التزام الأدب والسكون والخشوع حتى إن صاحب المصيبة كان لا يعرف من بينهما لكثرة حزن الجميع وما أخذهم من القلق والانزعاج بسبب الفكر فيما هم إليه صائرون، وعليه قادمون، حتى لقد كان بعضهم يريد أن يلقى صاحبه لضرورات تقع له عنده فيلقاه في الجنازة فلا يزيد على السلام الشرعى شيئًا كما قال الحسن البصرى -رضى اللّه عنه-: "ميتُ غدٍ يشيع ميتَ اليوم" وانظر إلى قول ابن مسعود -رضي الله عنه- لمن قال في الجنازة: استغفروا لأخيكم -يعنى الميت- فقال له: لا غفر الله لك. فإذا كان هذا حالهم في تحفظهم من


(١) [سورة النساء: الآية ١١٥].

<<  <   >  >>