وكذا يكره الذكر عليها حال وضعها عند القبر قبل الدفن كما يقع من أرباب الطرق، فإن السنة حفر القبر قبل وصول الجنازة لتدفن كما حضرت. وبعد الدفن لا بأس بأن يطلب الاستغفار للميت، ففى "سنن أبى داود": كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: "استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل".
ومن البدع المذمومة ذبح الخرفان عند خروج الجنازة تحت عتبة الباب، ومنهم من يذبح الجاموس عند وصول الجنازة إلى المقبرة قبل دفنها ويفرق اللحم على من حضر، ويقع عند ذلك الازدحام وربما مزق بعض الفقراء ثياب بعض.
قال في المدخل ما ملخصه: وليحذر من هذه البدعة التى يفعلها بعضهم وهى ذبح الذبائح وتفريق اللحم مع الخبز عند القبر ويقع بذلك مزاحمة وضرب، ويأخذ ذلك من لا يستحقه، ويحرمه المستحق في الغالب، وذلك مخالف للسنة من جوه:
(الأول): أن ذلك من فعل الجاهلية لما روى أبو داود عن أنس -رضى اللّه تعالى عنه- عن النبي -صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم- أنه قال:"لا عقر في الإسلام" والعقر: الذبح عند القبر.
(الثانى): ما فيه من الرياء والسمعة والمباهاة والفخر؛ لأن السنة في أفعال
القرب الإسرار بها دون الجهر فهو أسلم، والمشى بالذبيحة أمام أجنازة جمع بين إظهار الصدقة والرياء والسمعة، ولو تصدق بذلك في البيت سرًّا لكان عملًا صالحًا لو سلم من البدعة بأن يتخذ ذلك سنة أو عادة لأنَّه لم يكن من فعل من مضى والخير كله في اتباعه. اهـ.
(فائدة): كثيرًا ما يتساءل الناس عن السبب في خفة الجنازة وثقلها، والجواب: أن اللّه تعالى يكرم من شاء بما شاء، وأنَّه تعالى قد أكرم سعد بن معاذ الأنصارى بعد موته شهيدًا من جرح أصابه في غزوة الخندق، فقد روى أنه كان رجلًا بادنًا، فلما حمله الناس وجدوا له خفة، فقال رجال من الصحابة: واللّه إن كان لبادنًا وما حملنا من جنازة أخف منه، فبلغ ذلك رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فقال:"إن له حملة غيركم والذى نفسى بيده لقد استبشرت الملائكة بروح سعد واهتز له العرش"، وأخرج الترمذى من حديث أنس -رضى اللّه عنه- قال: لما حملت جنازة سعد بن معاذ،