للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتغشاهم الرحمة ويذكرهم الله تعالى بالثناء عليهم بين الملائكة،

فأى فضائل أجل من هذه، فبدعة المولد وإن لم تنقل عن أحد من السلف الصالح أعنى القرون الثلاثة المشهود لها بالخير لكنها حسنة مندوبة لانطباق قواعد الندب وأدلته العامة عليها. اهـ.

ولعل الخلق لما رأوا بعد عهد الناس بالنبوة وكثرة اهتمامهم بأمر دنياهم استحسنوا عمل هذه الموالد مشتملة على تاريخ من تقام له وبيان أعماله وفضائله وكراماته ونشر ذلك على العامة والخاصة والشيوخ والأطفال على هذا الوجه المعروف المشتمل على إظهار الفرح والسرور بالأنبياء والأولياء، وفى هذا تنبيه لهم على التخلق بأخلاقهم والسير على طريقهم.

(وأما السلف) فلم تكن لهم حاجة إليه لقرب عهدهم بنور النبوة ومزيد عنايتهم بنشر نعوته عليه الصلاة والسلام بين الناس فلهذا لم يزل أهل الإسلام يحتفلون في شهر مولده خصوصًا في ليلته بعمل المولد الشريف.

الدليل الثانى: ما في الصحيحين: "أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم فقالوا: هذا يوم أغرق الله فيه فرعون ونجى فيه موسى فنحن نصومه شكرًا لله تعالى فصامه - صلى الله عليه وسلم - وأمر أصحابه بصيامه". فيستفاد من ذلك فعل الشكر لله تعالى، على ما من الله به في يوم معين من إسداء نعمة ودفع نقمة، ويعاد في نظير ذلك اليوم من كل سنة، والشكر لله يكون بأنواع الطاعة وأعمال البر كالسجود والصيام والتلاوة والصدقة، وأى نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي - صلى الله عليه وسلم - الذى هو نبى الرحمة في ذلك اليوم، وإجمالًا يستحب لنا إظهار الشكر له تعالى بمولده بالاجتماع وإطعام الطعام وما إلى ذلك من أنواع البر وإظهار السرور. قال العلامة أبو شامة: إن من أحسن ما أحدث في زماننا ما يفعل كل عام في اليوم الموافق ليوم مولده - صلى الله عليه وسلم - من الصدقات والمعروف وإظهار الزينة والسرور، فإن ذلك مع ما فيه من الإحسان إلى الفقراء مشعر بمحبته - صلى الله عليه وسلم - وتعظيمه وجلالته في قلب فاعل ذلك وشكر الله تعالى على ما من به من إيجاد رسوله الذى أرسله رحمة للعاملين - صلى الله

<<  <   >  >>