للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالى، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم" وهذا صريح في النهى، فإن غرض الشارع الاستعداد براحة الجسم في هذه الليلة إلى وظائف اليوم، وكثيرًا ما يؤدى ذلك إلى التكاسل عن صلاة الغداة. وأفحش من هذا ما اعتاده غالب الناس من السهر المفرط في هذه الليلة بالاشتغال باللهو واللعب والمزاح وترويح النفس بما تهواه

اعتمادًا منهم على أنه يوم بطالة وراحة فليسوا مكلفين بشيء من أعمالهم، وفاتهم أنه يوم شغل بالله يقوم العبد بوظائفه هى أولى بالاهتمام والعناية.

ومن البدع ما أعتاده بعض العامة أيضًا من إفراد يومها بصيام وهو بدعة مكروهة للحديت السابق، ولأنه اعتبر يوم عيد والعيد لا يصام مخالفة لليهود فإنهم يفردون يوم عيدهم بالصوم، فنهى عن التشبه بهم في ذلك، وأذن فيه إذا وصل بصيام قبله أو بعده، كما خولفوا في يوم عاشوراء بصيام يوم قبله أو بعده، والله تعالى أعلم بأسرار ما شرع.

ومن البدع المتعلقة بيوم الجمعة توهم كثير من العامة أنه إذا جاء فيه أحد العيدين كان شؤمًا على السلطان بموت أو غيره، وهذا لا أصل له، ولا تؤيده عادة معقولة، كيف وفى الحديث الشريف عن زيد بن أرقم قال: اجتمع عيدان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم واحد فصلى العيد في أول النهار وقال: "يا أيها الناس إن هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان فمن أحب أن يشهد معنا الجمعة فليفعل، ومن أحب أن ينصرف فليفعل" رواه أبو داود والحاكم وصحح إسناده. فاليوم الذى يجتمع فيه للناس عيدان كيف يكون شؤمًا عليهم بشر يصل إلى سلطانهم!؟ وأى مناسبة بين اجتماع العيدين وضرر بعض عباد الله تعالى!؟

ومن البدع تهافت الناس على زيارة موتاهم يوم الجمعة؛ فإن فيها من المخازى والمنكرات ما يبرأ منه الدين وتتألم منه الإنسانية ويؤذى الموتى في قبورهم كما سبق في بدع المقابر والأضرحة. (نعم) تكون سنة إن خلت عن المحظورات، فقد أخرج الحكيم الترمذى في "نوادر الأصول" والطبرانى في "الأوسط" عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله

<<  <   >  >>