للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا في أحوال خاصة كاليأس من حضوره أول الوقت، أو إذنه لغيره بالصلاة بالناس، كما ذكره الإمام النووى رحمه الله في "شرح المهذب"، فالسنة الصلاة خلف الإمام الراتب جماعة واحدة، وخلاف ذلك بدعة، وللإمام الشافعى رحمه الله في "الأم" ما هو صريح في ذلك فينبغى الوقوف عليه.

وقد سئل عن حكم هذه المسألة مع زيادة الإمام الكبير سيدى الشيخ محمد عليش رحمه الله تعالى بما ملخصه: ما قولكم في صلاة جماعتين فأكثر في محل واحد له راتب أو لا، ووقت واحد يقيمون الصلاة معًا أو متعاقبين أو يتقدم بعضهم بركعة أو أكثر، ويقرءون الفاتحة معًا أو يقرأ بعضهم الفاتحة والآخر السورة، ويسمع بعضهم قراءة بعض أو بعضهم يقرأ وبعضهم يركع وبعضهم يسجد والآخر يتشهد وبعضهم يهوى للركوع أو السجود مكبرًا وآخر يرفع من الركوع مستمعًا وتختلط صفوف المقتدين بهم فيجتمع في الصف الواحد إمامان فأكثر، ويلتبس على بعض المقتدين بهم صوت إمامهم بصوت إمام غيره، فهل هذا من البدع المجمع على منعها أو لا؟

فأجاب رحمه الله بقوله: نعم هذا من البدع الشنيعة والمحدثات الفظيعة، أول ظهوره في القرن السادس ولم يكن في القرون التى قبله، وهو من المجمع على تحريمه كما نقله جماعة من الأئمة لمنافاته لغرض الشارع من مشروعية الجماعة الذى هو جمع قلوب المؤمنين وتأليفهم وعود بركة بعضهم على بعض، وله شرع الجمعة والعيد والوقوف بعرفة، ولتأديته للتخليط في الصلاة التى هى أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين والتلاعب بها، فهو مناف لقوله تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} (١)، وقوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} (٢)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلوا كما رأيتمونى أصلى"، وقوله: "اتقوا الله في الصلاة" ثلاثًا، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أتموا الصفوف" ولمشروعية صلاة القسمة حال الجهاد بجماعة

واحدة ولم يشرع حالة تعدد الجماعة، فكيف حال السعة والاختيار، وقد أمر الله تعالى بهدم مسجد الضرار الذى اتخذ لتفريق المؤمنين، فكيف يأذن بتفريقهم وهم بمحل واحد


(١) [سورة الحج: الآية ٣٢].
(٢) [سورة البقرة: الآية ٢٣٨].

<<  <   >  >>