للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مجتمعين للصلاة؟ وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الجفاء كل الجفاء والكفر والنفاق من سمع منادى الله تعالى ينادى بالصلاة ويدعو إلى الفلاح فلا يجيبه"، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "حسب المؤمن من الشقاء والخيبة أن يسمع المؤذن يثوب بالصلاة فلا يجيبه".

وإذا كان هذا حال سامع الأذان المتلاهى عنه فكيف حال سامع الإقامة المتصلة بالصلاة المتلاهى عنها وهو في المسجد؟ وكيف يمكن إجابة إقامتين فأكثر لو شرعتا في محل واحد ووقت واحد {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ} (١)، ومن أبى ذر رضى الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "صل الصلاة لوقتها فإن أدركت الإمام يصلى بهم فصل معهم، فهى لك نافلة، وإلا فقد أحرزت صلاتك"، ومن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لعلكم ستدركون أقوامًا يصلون الصلاة لغير وقتها فإذا أدركتموهم فصلوا في بيوتكم للوقت الذى تعرفون ثم صلوا معهم واجعلوها سبحة": أي نافلة، وعن عبادة بن الصامت رضى الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ستكون أمراء تشغلهم الأشياء يؤخرون الصلاة عن وقتها فاجعلوا صلاتكم معهم تطوعًا" فلم يأذن لهم في تعدد الجماعة ولا في التخلف عنها. فيجب على العلماء وأولى الأمر وجماعة المسلمين إنكارها. وجريان العادة بها من بعض العلماء والعوام لا يسوغها. انتهى.

وقد أفتى بمنع الصلاة بأئمة متعددة وجماعات مترتبة بالمسجد الحرام جمع من العلماء كالإمام عبد الرحمن السعدى المالكى والإمام إسحاق الغسانى المالكى رحمهما الله، فذكر الأول أنه أفتى في سنة خمسين وخمسمائة بمنع الصلاة على هذا الوجه على مذاهب الأئمة الأربعة، ورد على من قال بجوازها وبالغ في الرد حيث قال: "قولهم: إن هذه الصلاة جائزة لا كراهة فيها خلاف الإجماع، فإن الأمة مجمعة على أن هذه الصلاة لا تجوز، وأن أقل أحوالها أن تكون مكروهة لأن الذى اختلف فيه العلماء إنما هو مسجد ليس له إمام راتب، أو له وأقيمت الصلاة فيه جماعة، ثم جاء آخرون فأرادوا إقامة تلك الصلاة جماعة. فهذا موضع الخلاف".


(١) [سورة الحج: الآية ٤٦].

<<  <   >  >>