للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأما حضوو جماعتين أو أكثر في مسجد واحد، ثم تقام الصلاة فيتقدم الإمام

الراتب فيصلى وأولئك عكوف من غير ضرورة تدعوهم إلى ذلك، تاركون لإقامة الصلاة مع الإمام الراتب، متشاغلون بالنوافل، أو الحديث حتى تنقضى صلاة الأول ثم يقوم الذى يليه وتبقى الجماعة الأخرى على نحو ما ذكرنا ثم يصلون، أو تحضر الصلاة الواحدة كالمغرب، فيقيم كل إمام الصلاة جهرًا يسمعها الكافة ووجوههم مترائية، والمقتدون بهم مختلفون في الصفوف، ويسمع كل واحد من الأئمة قراءة الآخرين، ويركعون ويسجدون فيكون أحدهم في الركوع والآخر في الرفع منه والآخر في السجود، فالأمة مجمعة على أن هذه الصلاة لا تجوز وأقل أحوالها أن تكون مكروهة.

فقول القائل: إنها لا كراهة فيها خرق لإجماع الصحابة والقرن الثانى والثالث والرابع والخامس والسادس إلى حين ظهور هذه البدعة، وقد منع الإمام أحمد رضى الله عنه من إقامة صلاة واحدة بجماعتين في المسجد الحرام الذى الكلام فيه ومسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - (١).

وقد حكى لنا أن مذهب الإمام الشافعى ومالك وأبى حنيفة رضي الله عنهم منع إقامة صلاة بإمامين في مسجد واحد، فأما إقامة صلاة واحدة بإمامين راتبين على التناوب كما تقدم، فهذا ممَّا لم يقل به أحد، ولا يمكن أحدًا أن يحكى مثل هذا القول عن أحد من الفقهاء، لا فعلًا ولا قولًا، فكيف بإمامين يقيمان الصلاة في وقت واحد، يقول منهما: حى على الصلاة ويكبر كل واحد منهما وأهل القدوة بهما مختلطون ويسمع كل واحد منهما قراءة الآخر مع مخالفته لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن"، ثم ذكر عن جماعة من علماء المالكية والحنفية أنهم أنكروا صلاة الأئمة الأربعة في الحرم على الصفة المعهودة وأن المنع من ذلك هو مذهب الإمام مالك والشافعى وأحمد وأبى حنيفة. انتهى.


(١) هذا كله كان في الزمان الأول، أما في زماننا فقد منع كل ذلك وصاروا في كل من الحرمين يصلون بإمام واحد.

<<  <   >  >>