وسئل القاضى جمال الدين بن ظهيرة الشافعى رحمه الله تعالى عن إقامة الأئمة الأربعة لصلاة المغرب في وقت واحد؟
فأجاب: بأن ذلك من البدع الفظيعة والأمور الشنيعة التى لم تزل العلماء قديمًا وحديثًا ينكرونها ويردونها على مخترعها.
وبالجملة إن كثيرًا من كبار العلماء أنكروا تعدد الجماعة على الوجه المعروف على المذاهب الأربعة. والله الهادى إلى سواء السبيل.
ومن البدع قراءة القرآن جماعة المسماة عندهم (بالقراءة الليثية) وهى دائرة بين الحرمة والكراههّ، فقد أنكرها الضحاك وقال: ما رأيت ولا سمعت ولا أدركت أحدًا من الصحابة يفعلها، وقال ابن وهب: قلت لمالك رحمه الله تعالى: أرأريت القوم يجتمعون فيقرءون جميعًا سورة واحدة حتى يختموها؟ فأنكر ذلك وعابه وقال: ليس هكذا كان يصنع الناس إنما كان يقرأ الرجل إلى الآخر يعرضه. انتهى.
وقد تؤدى هذه القراءة إلى تقطع الحروف والآيات لانقطاع نفس أحدهم فيتنفس فيجد أصحابه قد سبقوه فيترك بقية الآية أو الكلمة ويلحقهم فيما هم فيه فيشاركهم تارة في ابتداء الآية وتارة في أثنائها، وبذلك يقرأ القرآن على غير ترتيبه الذى أنزل عليه، وفيه ما فيه من التخليط في كتاب الله تعالى، فقد تختلط آية رحمة بآية عذاب، وآية أمر بآية نهى، وآية وعد بآية وعيد، إلى غير ذلك، أضف إلى هذا أنهم يتصنعون بحناجرهم أصواتًا مختلقة تقشعر منها جلود المؤمنين، وتطرب لها نفوس الغافلين، وكل ذلك حرام بإجماع المسلمين.
ومن البدع المحظورة التى تقع في العبادات عامة ونطقت الأحاديث ببدعيتها أن يفتخر المرء بدعوى العلم أو القرآن أو شيء من العبادات، وقد أخرج الطبرانى في كبيره بإسناد حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام بمكة من الليل وقال:"اللهم هل بلغت" ثلاث مرات، فقام عمر وكان أواهًا فقال: اللهم نعم وحرضت وجهدت ونصحت، ققال: "ليظهرن الإيمان حتى يرد الكفر إلى مواطنه، وتخاض البحار بالإسلام، وليأتين على الناس زمان يتعلمون فيه القرآن، يتعلمونه ويقرءونه ثم يقولون: قد قرأنا وعلمنا فمن الذى هو خير منا؟ فهل