للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسر في ذلك أن الإنسان إذا اشتغل بهذه الأنواع من العبادات انكشفت له أضواء عالم الربوبية، ومتى حصل ذلك الانكشاف صارت الدنيا بالكلية حقيرة، وإذا صارت حقيرة وإن على القلب أمرها واستوى لديه فقدانها ووجدانها، فلا يستوحش من فقدانها ولا يستريح بوجدانها، وعند ذلك يزول الحزن والغم. رزقنا الله التمسك بكتابه والعمل على سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.

ومن البدع السيئة العامة تهاون الخاصة من العلماء وطلاب العلم في أمر السنن والمندوبات كالصلاة أول الوقت، وحضور الجماعات في المساجد، والحرص على

الصف الأول، وتسوية الصفوف، وأداء الرواتب، وصلاة الضحى والخسوف والكسوف، وكثيرًا ما تقام الجماعات بين يدى طلاب العلم وهم عنها معرضون، ويصلون في آخر الوقت فرادى، وناهيك ما يكون منهم من التهويش على الجماعات بالمذاكرة.

وكثيرًا ما يقع الخسوف والكسوف على مرأى ومسمع من العلماء ورجال الدين، ولا يبدون أدنى اهتمام بأمر الصلاة والدعاء، لا جماعة ولا فرادى، كأنهم فما أمن من هذه الأفزاع والمخاوف التى يخوف الله بها عباده، وكأنهم زعموا في أنفسهم أن لهم مكانة عند الله ومقامًا رفيعًا لا يؤثر فيه إهمال ما يأمرون به الناس، ولم يعلموا أن إضاعة السنة من علائم إهمال الفريضة، وأن ترك السنن مدعاة للوقوع في البدعة، ففى "الرسالة القشيرية" عن بعض العارفين: "لم يضيع أحد فريضة من الفرائض إلا ابتلاه الله بتضييع السنن ولم يبل أحد بتضييع السنن إلا أوشك أن يبتلى بالبدعة". انتهى.

ومن البدع السيئة ذرك التعاون على البر والتقوى، والنصيحة للمسلمين والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ومن آثار هذه البدعة ترك الخلفاء والأمراء والحكام ومياسير المسلمين المواظبة على الجماعات في المساجد، حتى ابتذلوا أن يؤموا الناس في صلاتهم وأن يخطبوا لهم في الجمعة وغيرها، وكان هذا من دواعى تكاسل العامة في الدين، ومن أسباب دخول الوهن فيه، فإن في عظة أولياء الأمور للناس تأثيرًا عظيمًا والنفوس مجبولة على محبة الاقتداء بالكبراء، والعامة إذا رأت أولياء الأمور

<<  <   >  >>