للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دينهم لا يعرفون منه شيئًا وكانوا أحق بذلك "فإن الأقربين أولى بالمعروف".

وفي "المدخل" ومازال السلف رضوان الله عليهم على هذا المنهاج تجد أولادهم وعبيدهم وإماءهم في غالب أمرهم مشتركين في هذه الفضائل كلها، ألاترى إلى بنت سعيد بن المسيب رضي الله عنهما لما أن دخل بها زوجها وكان من طلبة والدها، فلما أصبح أخذ رداءه يريد الخروج فقالت له زوجته: إلى أين تريد؟ فقال: إلى مجلس سعيد أتعلَّم العلم، قالت له: اجلس أعلمك علم سعيد، وكذا ما روى عن الإمام مالك رضى اللَّه عنه حين كان يقرأ عليه "الموطأ" فإن لحن القارئ في حرف أو زاد أو نقص تدق ابنته الباب فيقول أبوها للقارئ: ارجع فالغلط معك فيرجع القارئ فيجد الغلط.

وحكى عن أشهب أنه كان في المدينة المنورة بأنوار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاشترى خضرة من جارية وكانوا لا يبيعون الخضرة إلا يالخبز، فقال لها: إذا كان عشية حين يأتينا الخبز فأتينا نعطك الثمن، فقالت: ذلك لا يجوز، فقال لها: ولم؟ فقالت: لأنَّه بيع طعام غير يد بيد، فسأل عن الجارية فقيل له: إنها جارية بنت مالك بن أنس رحمه الله تعالى، وعلى هذا المنوال كان حالهم، فأين الحال من الحال، وقد عمت البلوى، فترى غالب النساء لا يعرفن من التكاليف الشرعية شيئًا، حتى اتسع الفساد، فصرن يقلدن نساء الإفرنج في الملابس تارة، وكشف شعورهن تارة أخرى، وهذا كله خسران مبين. وبالله تعالى التوفيق.

وصل نذكر لك في هذا الوصل شيئًا ممَّا تبدع به الناس في الصوم والحج، فمن بدع الصوم ما تفعله العامة من رفع الأيدى إلى الهلال عند رؤيته يستقبلونه بالدعاء قائلين: (هل هلالك، جل جلالك شهر مبارك) ونحو ذلك ممَّا لم يعرف عن الشرع، بل كان من عمل الجاهلية وضلالاتهم، والمعروف عنه -صلى الله عليه وسلم- الدعاء يغير هذا من غير استقبال الهلال، فعن طلحة ين عبيد الله رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا رأى الهلال قال: "اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام، ربى وربك اللَّه، هلال رشد وخير" رواه الترمذى وقال: حديث حسن،

<<  <   >  >>