فما تأتى به العوام عند رؤية الهلال من هذا الدعاء والاستقبال ورفع الأيدى ومسح وجوههم بدعة مكروهة لم تعهد في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه ولا السلف الصالح.
ومنها ما تفعله العوام وأرباب الطرق من الطواف في أول ليلة من رمضان في العواصم وبعض القرى (المسمى بالرؤية) فإنه لم يفعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه ولا أحد من السلف الصالح، هذا إلى ما اشتمل عليه ذلك الطواف من قراءة الأوراد والأذكار والصلوات مع اللغط والتشويش بضرب الطبول واستعمال آلات الملاهى، وزعقات النساء والأحداث وغير ذلك ممَّا هو مشاهد.
ومنها صوم يوم الشك بنية صوم رمضان وهو يدعة مكروهة إلا لمن وصله بما قبله أو وافق عادة له لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يصام اليوم الذى يشك فيه أنه من رمضان إلا تطوعًا"، وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال:"من صام اليوم الذى يشك فيه فقد عصى أبا القاسم" رواه الخمسة إلا أحمد وصححه الترمذى وذكره البخارى تعليقًا. ويوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا لم ير الهلال ليلته لنحو غيم، فيجوز كونه من رمضان وكونه من شعبان، والحديث يدل على تحريم صومه وإليه ذهب الإمام الشافعى، واختلف الصحابة في ذلك منهم من قال بجواز صومه، ومنهم من منع منه وعده عصيانًا لأبي القاسم والأدلة مع المحرمين، والخلاف فيمن صامه بنية رمضان. وسر النهى: أن الحكم معلق بالرؤية فمن صامه فقد حاول الطعن في ذلك الحكم، ولأنه تشبه بأهل الكتاب لأنهم زادوا في مدة صومهم.
(هذا) وللصوم سنن وآداب قد أغفل الناس كثيرًا منها تركنا الكلام عليها لشهرتها واستعداد المرشد.
وقد أحدث الناس في مناسك الحج أشياء قبيحة وتركوا سننًا صحيحة، فقد
ابتدع بعض الفجرة المحتالين في الكعبة المكرمة أمرين باطلين عظم ضررهما على العامة:
(أحدهما): ما يسمونه بالعروة الوثقى، عمدوا إلى موضع عال من جدار البيت المقابل لباب البيت وأوقعوا في قلوب العامة أن من ناله بيده فقد استمسك بالعروة الوثقى فأحوجوهم إلى أن يقاسوا بالوصول إليها شدة وعناء، ويركب بعضهم فوق بعض، وربما صعدت