للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفى الحديث عن إسماعيل بن أمية عن عبد الرزاق عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ثلاثة لا يسلم منهن أحد: الطيرة والظن والحسد فإذا تطيرت فلا ترجع، وإذا حسدت فلا تبغ، وإذا ظننت فلا تحقق"، وفى حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن ابن على مرفوعًا: "إذا تطيرتم فامضوا وعلى الله فتوكلوا" وفى حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا: "من عرض له من هذه الطيرة شيء فليقل: اللهم لا طير إلَّا طيرك، ولا خير إلَّا خيرك، ولا إله غيرك" رواه البيهقي في "الشعب"، وقال عكرمة: كنا جلوسًا عند ابن عباس رضي الله عنهما فمر طائر يصيح، فقال رجل من القوم: "خير خير" فقال ابن عباس رضي الله عنهما: "لا خير ولا شر".

وممَّا جعل في غرائز الناس استحبابه والأنس به الفأل الصالح والاسم الحسن كأن يسمع المريض أو أهله (يا سالم أو يا سلامة) وطالب الحاجة (يا واجد أو مقضية) والمكروب (يا فرج) والخارج إلى القتال (يا نصر) والسامع لهذا يعتقد أنه لا يزيد

ولا ينقص ولا يقدم ولا يؤخر، ولكنها فطرة الله التى فطر الناس عليها، فيحبون الخير ويرتاحون للبشرى؛ ولذا كان -صلى الله عليه وسلم- يعجبه الاسم الحسن والفأل الحسن ويكره القبيح منها، ففى الحديث عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا طيرة وخيرها الفأل" قالوا: وما الفأل يا رسول الله؟ قال: "الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم" رواه البخارى.

وكان مذهب العرب في الفأل والطيرة واحدًا، فأثبت النبي -صلى الله عليه وسلم- الفأل وأبطل الطيرة، ونفى أنها مؤثرة من دون الله تعالى؛ والفرق بينهما أن الأرواح الإنسانية أصفى وأقوى من الأرواح البهيمية والطيرية فالكلمة التى تجري على لسان الإنسان يمكن الاستدلال بها، بخلاف حركة البهائم وطيران الطير، فإن أرواحها ضعيفة فلا يمكن الاستدلال بها على شيء من الأحوال والحوادث والله أعلم بأسرار ما خلق.

ومن البدع أن من رزقه الله عقلًا وعلمًا يعتقد إذا رأى من أفاض الله عليه المال مع الجهل، وضعف العقل أنه أحق منه بإفاضة المال، فيقول في نفسه: كيف منعنى قوت يومى، وأنا العاقل الفاضل، وأفاض على

<<  <   >  >>