فمن وافق خطه عَلِمْ"، وفيه من حديث معاوية بن الحكم رضي الله عنه قلت: ومنا رجال يخطون، قال: "كان نبى من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك"، وأيضًا من المشهورات جفر الإمام على رضي الله عنه، كتب فيه كل ما يحتاج إليه من العلم وكل ما يكون إلى يوم القيامة.
وأصل الجفر ما عظم واستكرش من أولاد الشاة، يقال: جفر واستجفر وتجفر: إذا انتفخ لحمه وأكل، وهذه الأسرار العلوية كتبت في جلده، والناس إلى اليوم تأخذ علم الحوادث منه، ومن عِلْم الخط الذى دل الحديث على إباحته.
أجيب: بأن الحديث محمول على أنه علق الحل بالموافقة بخط ذلك النبي وهى غير واقعة في ظن الفاعل، إذ لا دليل عليها إلا بخبر معصوم، ولم يوجد فبقى النهى على حاله؛ لأنَّه علق الحل بشرط ولم يوجد، يدل على هذا التأويل ما ورد أن نبيًّا من الأنبياء كان أمره في الخط فمن وافق خطه خط علم النبي عَلِمْ. فلو لم يؤول لوجب لمن وافق خطه أن يعلم عين الغيبات التى كان يعلمها ذلك النبي وأمر بها في خطه من الأوامر والنواهى والتحليل والتحريم فيلزم مساواته له في النبوة.
وأما الجفر فقال ابن قتيبة: إنه ممَّا ادعاه الروافض عَلَى عَلِيّ رضي الله عنه، وكل ضلالاتهم يدعون أن لها أصلًا في ذلك الجفر، قال بعض الشعراء:
ومن عجب لم أقضه جلد جفرهم … برئت إلى الرحمن ممن تجفرا
برئت إلى الرحمن من كل رافض … بصير بباب الكفر في الدين أعورا
وثبت عنه كرم الله وجهه أنه قال: ما عندنا شيء أسره النبي -صلى الله عليه وسلم- إلينا إلا أن يؤتى الله تعالى عبدًا فهما في كتابه وليس هذا بالتعليم، فيه ود على الروافض حيث ادعوا أنه -صلى الله عليه وسلم- أسر إليه بالخلافة وغيرها، روى الشعبي عن أبي جحيفة وهب ابن عبد الله السوائي قال: "سألت عليًّا رضي الله عنه، هل عندكم من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علم غير القرآن؟ قال: والذى فلق الحبة وبرأ النسمة ما عندنا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غير القرآن، وما في هذه الصحيفة. قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقل وفكاك الأسير وإن لا يقتل مسلما بكافر" رواه غير واحد، ولفظ البخارى عن أبى جحيفة قال: "قلت لعلى رضي الله عنه: هل عندكم