على" (١)، ثم دعا -صلى الله عليه وسلم- يطبق من بسر، ثم قال: " انتهبوا فانتهبنا " رواه الطبرانى في "الكبير" عن ابن مسعود ورجاله ثقات. والانتهاب: أخذ الجماعة الشئ على غير اعتدال، ومنه يستفاد أن الدعوة لهذا العقد كانت منه -صلى الله عليه وسلم- خاصة، ولذا استقل بإحضار الطعام، فصار ذلك سنة في عقد الزواج إلى اليوم، كما استفيد منه أن السنة عدم التكلف، كما أن السنة في وليمة العرس والدعاء إليها أن يستقل بها الزوج مع عدم التكلف فيها أيضًا، ففى الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لما أجاب علي في خطبته فاطمة رضي الله عنهما: "يا علي لابد للعرس من وليمة". قال سعد: عندى كبش وجمع له رهط من الأنصار آصعًا من ذرة، وكان
في وليمته أيضًا شعير وتمر وحيس، هذا كل ما حوته وليمة سيدة نساء العالمين، وابنة خير البرايا أجمعين. وكانوا يرون أنها أفضل وليمة في زمانهم، فعن أسماء قالت: لقد أولم عَلِىّ عَلَى فاطمة فما كان وليمة في ذلك الزمان أفضل من وليمته.
وللناس اليوم في ولائم العقود والأعراس بدع وعادات كثيرة زينها لهم شيطان الهوى (وخير أمور الدين ما كان سنة، وشر الأمور المحدثات البدائع) وكيف لا يكون ذلك من قبائح البدع وقد جرَّت هذه التكلفات إلى كثير من الشرور، وأوقعت الزوجين وأهليهما في الشدة بعد الرخاء والضيق بعد السعة، وهذا ما دعا عمر رضى الله عنه إلى النهى عن التوسع في اللذيذ من المأكل والمشرب خشية أن يعتاده الناس فيدعوهم إلى هذه التكلفات المقوتة، فقد روى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: بلغ عمر بن الخطاب أن يزيد بن أبى سفيان يأكل ألوان الأطعمة، فقال عمر لمولى له: إذا علمت أنه قد حضر عشاؤه فأعلمنى، فلما حضر عشاؤه أعلمه فأتاه عمر فسلم فاستأذن فأذن له فدخل فقرب عشاءه فجاء بثريد لحم فأكل عمر معه منها، ثم قرب شواء فبسط يزيد يده، وكف عمر يده ثم قال: يا يزيد بن أبى سفيان أطعام بعد طعام!؟، والذى نفس عمر بيده لئن خالفتم عن سنتهم ليخالفن بكم عن طريقهم.
(١) قاله لما خطبها أبو بكر وعمر وغيرهما فردهم وزوجه إياها.