ومن العادات السيئة في الضيافة: تهاون الناس بأمور دينهم فيستعملون أوانى الذهب والفضة وقد اتسهت هذا الخرق وأصبح من السهل المألوف المستحسن، وواجب المضيف الابتعاد عن هذا كما أن واجب الضيف الابتعاد عن استعمال هذه الأوانى، بل ومن الجلوس في محل هذا المنكر، وإلا كان الكل آثمًا، ولا يرخص الجلوس مشاهدة هذه المنكرات، فيجب عليه التغيير فإن لم يقدر فليرحل، فلو كان في الضائفين من يتختم بالذهب لا يجوز الأكل معه ولا مجالسته.
ومن منكرات الولائم أنها لا تخلو عن أولئك البعداء التعساء الذين اتخذوا المزاح حرفة لهم لإضحاك الحاضرين فإنه منكر لا يجوز حضوره وإقراره، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة يضحك بها جلساءه يهوى بها أبعد من الثريا" رواه ابن أبى الدنيا من حديث أبى هريرة رضي الله عنه بإسناد حسن، لاسيما أن مزاحهم لا يخلو عن الفحش والكذب المحرم والاستهزاء بالناس، فإن لم يشتمل
على ذلك فهو محرم من أجل اتخاذه حرفة، فيجب إنكاره فإن لم يقدر على الإنكار حرم حضوره.
ومن العادات غير الحسنة في الضيافة تكليف الضيف الانتقال إلى موضع مخصوص لتناول الطعام، وهذا من آثار الترف الكبرياء، يرون أن تناول الطعام لا يخلو عن امتهان وتقدير فلا يليق أن يكون بمحل المفرشات، وفاتهم أن الأدب الشرعى الذى فيه كرامة الضيف أن يجلس في موضع ثم يقرب الطعام إليه ويحمل إلى حضرته لا أن يوضع الطعام في ناحية والضيف في أخرى ثم يؤمر بالتقرب إليه، انظر إلى ما وقع من إبراهيم عليه السلام مع ضيفه حيث حكى الله عنه في مقام امتداحه أنه قرب إليهم العجل لا أنه قربهم إليه.
من العادات التى دخلت على الناس من الترف والكبرياء أن صاحب الضيافة يأنف من خدمة ضيفه بنفسه، ويزعم أن هذا امتهان لا يليق إلا أن يباشره خادمه، وترى الضيف يحجر على صاحب الضيافة أن يقوم ببعض خدماته إعزازًا له وإكرامًا، وربما تراجموا بينهما بالأيمان، وفاتهم أن الأدب الشرعى ألا يأنف ذو الضيافة من خدمة ضيفه، وألا يصده