" أتمسك لي وأنت ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: إنا هكذا نصنع بالعلماء".
ومن العادات السيئة الشبع من طعام الضيافة وغيرها، فقد نهى الله عنه في كتابه الحكيم قال تعالى:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}(١) ولما في الشبع من المضار التى لا تخفى على بصير، وفى الحديث:" ما ملأ آدمى وعاءًا شرًّا من بطنه، حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن لم يفعل فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنَفَسِه " رواه الترمذى وقال: حسن، ورواه بلفظ آخر:"ما ملأ ابن آدم وعاءًا شرًّا من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فاعلًا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه" بحسب: كافيه أو يكفيه والباء زائدة. وكان ملء البطن شرًّا لما فيه من المضار الدينية، والدنيوية، والبدنية فإنه يورث البلادة، ويعوق الذهن عن التفكير الصحيح، ويدعو إلى الكسل والنوم
الكثير، زمن كثر نومه ضعف جسمه، وأضاع وقته الذى هو رأس ماله في هذه الحياة العمدية وخسر كثيرًا من مصالحه الدينية والدنيوية، قال لقمان لابنه: يا بنى إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة وخرست الحكمة وقعدت الأعضاء عن العبادة، بخلاف الإقلال من الطعام والشراب فإنه يورث صفاء القلب، وقوة العزيمة، ونفوذ البصيرة، ونشاط الجسم، وفى ذلك ربح عظيم.
وقد أرشدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المقدار المناسب من الطعام والشراب هو ما يقيم الحياة، ويحفظ الصحة، ويمكن الإنسان من الانتفاع بنفسه والقيام بوظائف الحياة، وهو أن يجعل للطعام والشراب ثلثى المعدة، ويترك الثلث خاليًا ليتمكن من النفس بسهولة، ذلك أن البطن إذا امتلأت ضغطت على الحجاب الحاجز فضغط على الرئتين فضاقت مجارى التنفس الذى هو ضرورى لإصلاح الدم الفاسد وتحويله إلى دم صالح تقوم عليه حياة الإنسان، وفى الحديث دليل على ذم الشبع والإفراط في تناول الغذاء، وفيه أيضًا الحث على الاقتصاد في تناول الطعام والشراب وهو ما يطلبه الطب، ويقوم به نظام الأعمال، وتتوفر به للإنسان مصالحه الدينية والدنيوية، فالدين والعلم أخوان،