ويقبلها العقل هى الموازنة في كل أمر بين النفع والضرر فما كان ضرره أكثر من نفعه حرم، والميسر ومن هذا القبيل.
وأراق اليانصيب ميسر اشتمل على منفعة ومضرة، وضرره عند التأمل أكثر من نفعه، وقد يكون في بعض صوره من شر أنواع القمار إذا دخله غش، وكثيرًا ما يكون ذلك، ونفع الفقراء ميسور وغير متوقف على هذه الطريقة الخبيثة، إذ في استطاعة ذوى اليسار من الشعب مديد المساعدة للبؤساء من غير مقامرة، بل نفس الشعب يسهل عليه الاكتتاب، ودفع ثمن تلك الأوراق من غير حاجة إلى المخاطرة
بالمال، وهذا يجعل الدفع لوجه الله دون قصد الربح من وراء ذلك، وهى طريقة الإحسان. أما شراء الأوراق الحاصل اليوم فليس من باب البر والإحسان؛ لأن الباعث عليه هو الربح، وهذا يبعده عن كل أنواع البر، على أن المسلمين في غنى عن هذه الطرق الخبيثة جميعها إذا عملوا بدينهم وأدوا زكاة الأموال التى من مصارفها البؤساء والفقراء.
وخلاصة القول أن عمل اليانصيب هو من عمل الميسر الذى حرمه الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، فلا يجوز شراء هذه الأوراق ولا بيعها، والربح الناشئ عنها ربح خبيث لا يحل لصاحبه الانتفاع به وأن ترخيص وزارة الداخلية به لا ينقله من الحرمة إلى الحل في نظر الشريعة ولا ينجى المتعاملين به من العقوبة يوم لا ينفع مال ولا بنون، وحسب الجمعيات الخيرية أن تقوم بما تستطيع من أعمال البر من غير أن تتعرض أعضاؤها لغضب الله في سبيل جمع الأموال من هذا الوجه المحرم شرعًا إذ أنه نصب واحتيال مقرر بالقوانين الوضعية وليس من البر في شيء والله الهادى إلى سواء السبيل.
ومن البدع السيئة في المعاشرة والعادات تساهل المسلمين في مخالطتهم للأجانب حتى استحسنوا كل ما هم عليه من ملبس ومأكل، وتشبهوا بهم في مراسمهم وعاداتهما وعدوا ذلك من دواعى التقدم، ونسوا أن الدين الحنيف هو دين الفطرة والسماحة ودين الرقي الصحيح وسبيل العمران، ولو وقفوا على مآثر سلفنا من وراء تمسكهم بدينهم لوجدوا ما هو خير ممَّا يعجبون به، ولو كان للسلف أدنى عناية بهذه الزخارف التى ظهرت على