للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن تيمية محقق الحنابلة في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم" بعد أن حقق أن هذا الحديث ثابت جيد الإسناد ما نصه: هذا الحديث أقل أحواله أن يقتضى تحريم التشبه بهم وإن كان ظاهره يقتضى كفر المتشبه بهم كما في قوله تعالى: { … وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ … } (١) وهو نظير ما سنذكره عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما أنه قال: " من بنى بأرض المشركين وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حشر معهم يوم القيامة ". انتهى.

وجملة الكلام أن هذه الأحاديث الثلاثة يكفى كل واحد منها وحده لإثبات المقصود هو حرمة موافقة المسلمين لغيرهم فيما هو من خصائصهم، ولا ريب أن منها لبس القبعة، قد آفاد الحافظ ابن تيمية أن الأمة مجمعة على النهى عن الموافقة المذكورة فارجع إليه إن شئت، وإليك نصوص المذاهب الأربعة لتعلم أن الأئمة الأربعة رضي الله عنهما متفقون على تحريم لبس القبعة ويطمئن قلبك ويزداد يقينك

في ذلك. في معين المفتى من كتب الحنفية ما نصه: من تشبه بالكفار عمدًا أو تزيَّا بزي النصارى، أو تزنر بزنارهم، أو تقلنس بقلنسوة المجوس يكفر. انتهى. وقيده أبو السعود والحموي رحمهما الله تعالى بأنه محمول على ما إذا أراد الاستخفاف بالإسلام، أما إذا لم يقصد ذلك فهو آثم فقط.

وقال العلامة ابن حجر الهيتمى الشافعى في كتابه "الإعلام بقواطع الإسلام" ما نصه: وحيث لبس زى الكفار سواء دخل دار الحرب أم لا بنية الرضا بدينهم، أو الميل إليه أو تهاونًا كفر. انتهى.

وفى فتاوى الشهاب الرملى الشافعى سُئِل عن التزيى بزى الكفار: هل هو ردة أو لا فيحرم فقط؟ فأجاب: بأن الراجح أنه ليس بردة، بل يأثم العامد العالم بتحريمه. انتهى. وهو محمول على لبسه بغير نية الرضا، أما إذا لبسه بنية الرضا أو الميل إلى دينهم، أو تهاونًا بالإسلام فإنه يكفر.

وفى مختصر الشيخ خليل وشرحه للشيخ عبد الباقى المالكيين في باب الردة: كفر المسلم بصريح كقوله العزير ابن الله، أو لفظ يقتضيه كقوله الله جسم متحيز أو فعل يتضمنه، ثم ذكر من أمثلة الفعل شد الزُّنَّار ونحوه ممَّا يختص بالكفار كلبس برنيطة نصرانى، وطرطور يهودى إن سعى


(١) [سورة المائدة: الآية ٥١].

<<  <   >  >>