قال البناني المالكي: ومحل كلام المصنف إن فعل ذلك محبة في الزى وميلًا لأهله وأما إن فعله بغير ذلك فهو حرام إلا أنه لا ينتهى للكفر.
وفى "الانتصار" من كتب الحنابلة ما نصه: من تزيَّا بزى الكفار من لبس غيار أو شد زنار، أو تعليق صليب بصدره حرم، وميل كلام بعضهم إلى الكفر.
هذه نصوص علماء المذاهب الأربعة المعمول بها، وقد عرفت أنها مجمعة على تحريم لبس القبعة عند عدم الميل إلى دين أصحابها، وعدم قصد الاستخفاف بدين الإسلام، وعلى الكفر عند ذلك فكيف يسوغ لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر استباحة لبسها بعد ما تبين له الرشد من الغى وظهر له الحق من الباطل تمسكًا بشبه هى {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ … }(١).
من ذا الذى يا قوم لا يعد من السفه ترك زيه القومى إلى زى قوم قد يفضى حبنا لتقليدهم إلى ذهاب قوميتنا، وفناء شخصيتنا في شخصيتهم، شأن الضعيف الذى يسارع في هوى القوى، تلك الشخصية التي تطلب السن الكونية المحافظة عليها احترامها حفظًا لكيان الأمم والشعوب، وقد أشار إلى احترامها الشارع الحكيم بقوله فيما رواه أبو داود:" فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس "، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "قصوا الشارب وأعفوا اللحى وخالفوا سنة اليهود" إلى غير ذلك، والقومية إنما تكون بالدين الذى جعل المؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها إخوة وألف بين العربى والعجمى بتعاليمه الحقة؛ ولهذا الدين حقوق وآداب تزول بزوال تلك الشخصية، فلابد من احترامها والعمل بها حفظًا لتلك القومية، وإن من أسباب الزوال مشابهة الزى للزى فإن فيه تغييرًا للقلب وقد ورد:"إذا شابه الزى الزى فقد طابق القلب القلب" وأى ضرر فوت ضرر إفساد العقيدة: أضف إلى ذلك فوت أداء حق الإسلام من ابتداء السلام ورده، وفوت غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين إذا وجد ميتًا بمكان لا يعرفه فيه أحد، لاشتباه حاله بسبب ذلك الزى إلى غير ذلك من المفاسد.