للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما ما يزعمونه من أن في ذلك الزى دفعًا لاحتقار الغربيين لنا، فجوابه ظاهر، وهو أن الزى لا يدفع احتقارًا ولا يرد عارًا مع فساد الخلق، وتأخر العلم، والقعود وعدم النهوض بالصنائع والأعمال الاقتصادية والخلقية، وفوق ذلك ما هنالك من الحزازات الدينية التى هى في الحقيقة سبب حملتهم علينا وبغضهم لنا وهم لا يرضون عنا إلا إذا اعتنقنا عقيدتهم، قال تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} (١) فإن رأيتم أيها المسلمون أن تسلكوا سبيل الخير فدعوا عنكم حكما الخيال وصافحوا تعاليم الدين ففيها كل الخير والفلاح، وبها ارتقى الإسلام في الصدر الأول أيام دوله العاملة به.

ولقد كانوا محل إعجاب العالم ومهبط احترام الأمم وأرباب الفتوحات والشوكة والرقى العلمى والخلقى والاجتماعى، وكان الأجانب في غاية التأخر والانحطاط، والقبعة على رؤوسهم، وحسب الناظر أن يتصفح التاريخ فهو أعدل شاهد.

وفقكم الله للخير وهداكم للرشاد.

(حكم نكاح غير المسلم للمسلمة): المسلمون جميعًا على تحريم نكاح الكافر للمسلمة ولم يبيحوا ذلك في عصر من العصور، وحجتهم فيه كتاب الله تعالى وتشريعه المبنى على بالغ الحكم، قال تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ … } (٢). المعنى: ولأمة مؤمنة مع ما فيها من خساسة الرق وقلة الخطر خير ممن اتصفت بالشرك مع ما لها من شرف الحرية ورفعة الشأن ولو أعجبتكم لجمالها ومالها وسائر ما يوجب الرغبة فيها.

وجه الدلالة من هذا النظم الكريم أن الشرك جاء في لسان الشرع مرادًا به الكفر مطلقًا كما في آية: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (٣) فإن جميع طوائف الكفار من وثنيين وأهل كتاب لا يغفر لهم كفرهم قال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (٤) وجاء مرادًا به كفر الوثنيين وهو أن يجعل لله ندًّا كما في قوله -صلى الله عليه وسلم- حينما سئل عن الشرك: "أن تجعل للَّه نِدًّا وهو خلقك" وعليه جاء قوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} (٥)، وقوله تعالى:


(١) [سورة البقرة: الآية ١٢٠].
(٢) [سورة البقرة: الآية ٢٢١].
(٣) [سورة النساء: الآية ٤٨].
(٤) [سورة آل عمران: الآية ٨٥].
(٥) [سورة البينة: الآية ١].

<<  <   >  >>