وقال ملا أحمد رومى الحنفى صاحب "مجالس الأبرار" ما ملخصه: لا تكون البدعة في العبادات البدنية كالصلاة والصوم والذكر والقراءة إلا سيئة؛ لأن عدم وقوع الفعل في الصدر الأول إما لعدم الحاجة إليه أو لوجود مانع أو لعدم تنبه أو لتكاسل أو الكراهة وعدم مشروعية. والأولان منتفيان في العبادات البدنية المحضة لأن الحاجة في التقرب إلى الله تعالى لا تنقطع وبعد ظهور الإسلام لم يكن منها مانع. ولا يظن بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم عدم التنبه والتكاسل فذاك أسوأ الظن المؤدى إلى الكفر، فلم يبق إلا كونها سيئة غير مشروعة. وكذلك يقال لكل من أتى في العبادات البدنية المحضة بصفة لم تكن في زمن الصحابة إذ لو كان وصف
العبادة في الفعل المبتدع يقتضى كونها بدعة حسنة لما وجد في العبادات بدعة مكروهة، ولما جعل الفقهاء مثل صلاة الغائب والجماعة فيها، ومثل أنواع النغمات الواقعة في الخطب وفى الأذان وقراءة القرآن في الركوع مثلًا، والجهر بالذكر أمام الجنازة ونحو ذلك من البدع المنكرة. فمن قال بحسنها قيل له: ماثبت حسنه بالأدلة الشرعية فهو إما غير بدعة فلا يتناوله ذم الشارع ويبقى عموم حديث: "كل بدعة ضلالة"، وحديث:"كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد" على حاله لا تخصيص فيه. وإما بدعة ويكون مخصوصًا من هذا العام وخارجًا منه - فمن ادعى الخصوص فيما أحدث وأنَّه خارج من عموم الذم احتاج إلى دليل يصلح للتخصيص من كتاب أو سنة أو إجماع مختص بأهل الاجتهاد ولا نظر للعوام ولعادة أكثر البلاد فيه. فمن أحدث شيئًا يتقرب به إلى الله تعالى من قول أو فعل فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله، فعلم أن كل بدعة في العبادات البدنية المحضة لا تكون إلا سيئة.
والحاصل أن كل ما أُحدث يُنظَر في سببه، فإن كان لداعى الحاجة بعد أن لم يكن كنظم الدلائل لرد الشبه التى لم تكن في عصر الصحابة، أو كان وقد ترك لعارض زال بموت النبي صلوات الله وسلامه عليه كجمع القرآن، فإن المانع منه كون الوحى لا يزاد ينزل فيغير الله ما يشاء وقد زال كان حسنًا - وإلا فإحداثه بمحض العبادات البدنية القولية والفعلية تغيير لدين الله تعالى - مثلًا الأذان في الجمعة سنة وقبل صلاة العيد بدعة ومع