للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منقطع، أي ما فرضناها نحن عليهم رأسًا ولكنهم استحدثوها ابتغاء رضوان اللّه، فذمهم حينئذ بقوله: {فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} (١) من حيث أن النذر عهد مع اللّه تعالى لا يحل نكثه، لا سيما إذا قصد به رضاه تعالى، فما رعاها كلهم، بل بعضهم {فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ} (١) لإيمانهم إيمانًا صحيحًا برسول اللّه صلوات اللّه وسلامه عليه، بعد رعاية رهبانيتهم، لا لمجرد رعايتها، فإنها بعد البعثة لغو محض، وكفر بحت. والآية لا تتعلق بهذه الأمة إذ لا رهبانية في الإسلام، فهى منسوخة في شريعتنا بمثل قوله صلوات الله وسلامه عليه: "فمن رغب عن سنتى فليس منى" متفق عليه.

٢ - نِحَل الهند في تعذيبها أنفسها بأنواع العذاب الشنيع والتمثيل الفظيع والقتل بالأصناف التى تفزع منها القلوب، وتقشعر منها الجلود كالإحراق بالنار على جهة استعجال الموت لنيل الدرجات العليا في زعمهم، والفوز بالنعيم الأكمل بعد الخروج من هذه الدار العاجلة (ومن ذلك) ما يفعله الشيعة من العجم يوم عاشوراء، من خدش الرءوس، والوجوه، واللطم، والنواح، لكون الحسين رضى اللّه عنه قتل في هذا اليوم، يفعلون تلك المآثم زاعمين أنها تقربهم من اللّه تعالى.

٣ - تحكيم العقل ورفض النصوص في دين اللّه وقد قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (٢)، وقال: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} (٣) من ذلك أن الخمر لما حرمت ونزل من القرآن في شأن من مات قبل التحريم وهم يشربونها: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (٤) تأولها قوم على أن الخمر حلال وأنها داخلة تحت

قوله فيما طعموا فهؤلاء استحلوا بالتأويل ما حرم اللّه بنص الكتاب، وشرعوا في دين الله ما لم يأذن به، رهذا هو الابتداع بعينه، والصواب أن الآية نزلت جوابًا عن شبهة وقعت لبعض الصحابة بيانها:

(أ) أن اللّه تعالى حرم الخمر والميسر في آية سابقة على هذه الآية، وبين في الآية الثانية علة التحريم، وهى علة لأزمة لهما، فإذا لم تكن مطردة في العداوة البغضاء فهى مطردة في الصد عن ذكر اللّه وعن الصلاة، وحسبك ما ينقص من دين من صد عنهما، وما إلى ذلك من ظلمة


(١) [سورة الحديد: الآية ٢٧].
(٢) [سورة النساء: الآية ٥٩].
(٣) [سورة الأنعام: الآية ٥٧].
(٤) [سورة المائدة: الآية ٩٣].

<<  <   >  >>