للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على عين المسألة، ولكنه منقول عن عمر وعلى وابن عباس والمغيرة بن شعبة رضى اللّه عنهم وهو مذهب مالك والشافعى وأبى حنيفة رحمهم اللّه. ووجه المصلحة أن القتيل معصوم، وقد قتل عمدًا فإهداره داع إلى خرم أصل القصاص. واتخاذ الاستعانة والاشتراك ذريعة إلى السعى بالقتل إذا علم أنه لا قصاص فيه، وليس أصله قتل المنفرد فإنه قاتل تحقيقًا والمشترك ليس بقاتل تحقيقًا (فإن قيل) هذا أمر بديع في الشرع وهو قتل غير القاتل. (قلنا) ليس كذلك، بل لم يقتل إلا القاتل وهم الجماعة من حيث الاجتماع عند مالك والشافعى وأبى حنيفة رحمهم اللّه تعالى. فهو مضاف إليهم تحقيقًا إضافته إلى الشخص الواحد، وإنما التعيين في تنزيل الأشخاص منزلة الشخص الواحد، وقد دعت إليه المصلحة فلم يكن مبتدعًا مع ما فيه من حفظ مقاصد الشرع في حقن الدماء، وعليه يجرى عند مالك قطع الأيدى باليد الواحدة وقطع الأيدى في النصاب الواحد (بديع في الشرع) أي مبتدع لا أصل له فيه لا خاص فيكون قياسًا عليه، ولا عام فيكون من المصالح المرسلة.

٥ - إقامة إمام للمسلمين مقلد عند فقد المجتهد مع نقل الاتفاق على أن الإمامة الكبرى لا تكون إلا لمن نال رتبة الاجتهاد، ولكن حيث فرض خلو الزمان عن مجتهد يظهر بين الناس، وافتقروا إلى إمام يقدمونه لجريان الأحكام وتسكين ثورة الثائرين والحياطة على دماء المسلمين وأموالهم، فلابد من إقامة الأمثل ممن ليس بمجتهد لأنا بين أمرين: (إما) أن يترك الناس فوضى وهو عين الفساد، (وإما) أن يقدموه فيزول الفساد به ولا يبقى إلا فوت الاجتهاد. والتقليد كاف بحسبه وهو نظر مصلحى يشهد له أصل وضع الإمامة. والإجماع إنما انعقد على فرض أن لا يخلو الزمان عن مجتهد، فصار مثل هذه المسألة مما لم ينص عليه، فصح الاعتماد فيه على المصلحة.

٦ - ما نقل عن مالك من جواز الحبس في التهم وإن كان نوعًا من التعذيب،

وعن بعض أصحابه من جواز الضرب بالتهم لأنَّه قد تتعذر إقامة البينة فكانت المصلحهّ في التعذيب وسيلة إلى استخلاص الأموال من أيدى السُّرَّاق والغُضَّاب وهو عند الشيوخ من قبيل تضمين الصناع.

فإن قيل: هذا فتح باب لتعذيب البرئ. نقول: في تركه إبطال استرجاع

<<  <   >  >>