للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما سواه جائر عن الحق عادل عنه وهى طرق البدع والضلالات أعاذنا اللّه من سلوكها بفضله وكرمه.

وجاء في ذمها والتحذير منها أيضًا أحاديث كثيرة نذكر منها ما تيسر مع تحرى الصحة (فمن ذلك) ما في الصحيح من حديث عائشة رضى اللّه تعانى عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد "، وفى رواية لمسلم: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد" وقد سبق الكلاء عليه مستوفى. وأخرج مسلم عن جابر بن عبد اللّه أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في خطبته: "أما بعد فإن خير الحديث كتاب اللَّه وخير الهدى هدى محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ". قوله: "خير الهدى هدى محمد" هو بضم الهاء وفتح الدال فيهما وبفتح الهاء وسكون الدال أيضًا. كذا جاءت الرواية بالوجهين، وفسره الإمام النووى، على طريقة الفتح بالطريق، أي أحسن الطرق طريقه، ش على رواية الضم بالدلالة والإرشاد، وهو الذى يضاف إلى الرسل والقرآن والعباد. قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (١)، وقال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (٢).

وعن ابن مسعود موقوفًا ومرفوعًا أنه كان يقول: "إنما هما اثنتان: الكلام والهدى، فأحسن الكلام كلام اللّه وأحسن الهدى هدى محمد ألا وإياكم ومحدثات الأمور فإن شر الأمور محدثاتها، إن كل محدثة بدعة"، وفى لفظ: "غير أنكم ستحدثون ويحدث لكم فكل محدثة ضلالة وكل ضلالة في النار". وكان ابن مسعود يخطب بهذا كل خميس.

وروى الترمذى وصححه وأبو داود وغيرهما عن العرباض بن سارية قال: صلى بنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقال قائل: يا رسول اللّه كأن هذه

موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال: "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة لولاة الأمر وإن كانا عبدًا حبشيًّا، فإن من يعش منكم بعدى فسيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة كل


(١) [سورة الشورى: الآية ٥٢].
(٢) [سورة الإسراء: الآية ٩].

<<  <   >  >>