وعن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش، يقول: "صبحكم ومساكم ويقول: بعثت أنا والساعة كهاتين، ويقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى" ويقول: "أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد صلى اللَّه عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة"، ثم يقول: "أنا أولى بكل مؤمن من نفسه. من ترك مالًا فلأهله ومن ترك دينًا أو ضَيَاعًا فإليَّ وعلىَّ" رواه مسلم، والساعة: منصوب على المعية أو مرفوع بالعطف على الضمير المتصل، أي بعثت وبعثت الساعة تنزيلًا لها منزلة الموجود مبالغة في تحقق مجيئها. والمقصود التنبيه على قرب القيامة وأن الباقى من عمر الدنيا قليل. وعلى كثرة المحدثات والمخازى. والحث على التمسك بالدين والتحذير من الوقوع في البدع والمنكرات. والضياع -بالفتح-: العيال وأصله مصدر ضاع يضيع ضياعًا سمى به -العيال- وبالكسر جمع ضائع كجياع جمع جائع وليس مرادًا.
ومما جاء عن السلف الصالح من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم في ذم البدع وأهلها، ما روى عن حذيفة أنه قال: "أخوف ما أخاف على الناس اثنتان، أن يؤثروا ما يرون على ما يعلمون، وأن يضلوا وهم لا يشعرون ". قال سفيان: وهو صاحب البدعة (وعنه أيضًا): " أنه أخذ حجرين فوضع أحدهما على الآخر ثم قال لأصحابه: هل ترون ما بين هذين الحجرين من النور؟ قالوا: يا أبا عبد الله ما نرى بينهما من النور إلا قليلًا. قال: والذى نفسى بيده لتظهرن البدع حتى لا يرى من الحق إلا قدر ما بين هذين الحجرين من النور والله لَتَفْشُوَنَّ البدع حتى إذا ترك منها شيء قالوا: تركت السنة ".
وعن أبى بكر رضي الله عنه أنه قال: "لست تاركًا شيئًا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعمل به إلا عملت به؛ لأنى أخشى إن تركت شيئًا من أمره أن أزيغ" رواه البخارى.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "اتبعوا آثارنا ولا تبتدعوا فقد كفيتم"، وعنه أيضًا من أثر رواه أين وهب "وستجدون أقوامًا يزعمون أنهم يدعون إلى كتاب الله وقد نبذوه وراء ظهورهم، فعليكم بالعلم وإياكم والتبدع والتنطع والتعمق وعليكم بالعتيق ".