وعن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه كان يكتب في كتبه:"إني أحذركم ما مالت إليه الأهواء والزيغ البعيدة ".
ولما بايعه الناس صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:"أيها الناس إنه ليس بعد نبيكم نبى، ولا بعد كتابكم كتاب، ولا بعد سنتكم سنة، ولا بعد أمتكم أمة، ألا وإن الحلال ما أحل الله في كتابه على لسان نبيه حلال إلى يوم القيامة، ألا وإن الحرام ما حرم الله في كتابه على لسان نبيه حرام إلى يوم القيامة، ألا وإنى لست بمبتدع ولكنى متبع، ألا وإنى لست بقاض، ولكنى منفذ، ألا وإنى لست بخازن ولكنى أضع حيث أمرت، ألا وإنى لست بخيركم ولكنى أثقلكم حملًا، ألا لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق "، ثما نزل. المراد بالقضاء وضع الأحكام الشرعية لا لحكم بها. فهو لا يريد أنه لا يحكم بين الناس، وإنما يريد أنه ليس هو الشارع ولكنه منفذ الشرع بالحكم به.
وعن الفضيل بن عياض رحمه الله:"اتبع طريق الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين ".
ويدل على ذم البدع وأهلها من جهة النظر أمور:
(الأول): أن الشريعة جاءت كاملة لا تحتمل الزيادة ولا النقصان لأن الله تعالى قال فيها: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}(١). وفى حديث العرباض بن سارية: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم موعظة ذرفت منها الأعين ووجلت منها القلوب فقلنا: يا رسول الله إن هذه موعظة مودع، فما تعهد إلينا؟ قال:"تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها ولا يزيغ عنها بعدى إلا هالك، من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بما عرفتم من سنتى وسنة الخلفاء الراشدين من بعدى، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة". "ليلها كنهارها ": أي واضحة لا يشتبه فيها أحد (وثبت) أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يمت حتى أتى ببيان جميع ما يحتاج إليه في أمر الدين والدنيا فإنه صلى الله عليه وآله وسلم جاء بأمور الدين مفصلة وهدى إلى أمور الدنيا إجمالًا بالقواعد الكلية
كمشروعية الشورى واليسر ووفع الحرج والضرورات وما إلى ذلك مما يوافق جميع الأزمنة الأحوال وهذا لا مخالف فيه من أهل السنة، وإذا كان