للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الأول مدرسة أهل الحديث]

[المبحث الأول: مهد مدرسة الحديث وامتدادها]

كان مهد مدرسة الحديث في أول نشأتها بالحجاز، وفي المدينة المنورة بالذات، وعُرفَت بمدرسة المدينة؛ لأنها مهد السنة، ومأوى الفقهاء، وبها سلالة الصحابة الذين عاصروا الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وحفظوا عنه الحديث وتناقلوه، واقتدوا به في أفعاله وتصرفاته، فكان من الطبيعي أن يتأثر فقهاء هذه المدرسة بفقهاء الصحابة الأوائل، وعلماء التابعين الذين استوطنوا المدينة، ونهجوا نهج الصحابة

وعلماء التابعين الذين كانوا يمثلون مدرسة المدينة كثيرون، وأشهرهم الفقهاء السبعة (١)، وقد كونوا المدرسة الفقهية الأولى، ووضعوا الأسس الأولى للمنهج الفقهي، وعملوا على نفاذ الحياة بأسرها -ومنها الحياة التشريعية- على القواعد الدينية والخلقية، التي استمدوها من القرآن الكريم (٢).

وقد انتهت رياسة مدرسة المدينة إلى الإمام مالك رحمه الله تعالى، يقول ابن تيمية: "مالك أقوم الناس بمذهب أهل المدينة رواية ورأيا، فإنه لم يكن في عصره ولا بعده أقوم بذلك منه، كان له من المكانة عند أهل الإسلام -الخاص والعام- ما لا يخفى على من له بالعلم أدنى إلمام" (٣).

وقد ضَمَّن الإمام مالك كتابه (الموطأ) ذلك المنهج الذي تلقاه عمن قبله، وقد تلقاه أولئك عن الصحابة.


(١) انظر كتابنا: تاريخ الفقه الإسلامي، ص ٨٥. وسيأتي ذكرهم قريبا.
(٢) مناهج الاجتهاد في الإسلام، لمحمد سلام مدكور: ١٠٠، نشرته جامعة الكويت.
(٣) صحة عمل أهل المدينة، لشيخ الإسلام ابن تيمية.

<<  <   >  >>