للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثاني: الرد على من لم يعدّه من أهل الفقه

لم يعتبر ابن جرير الطبري في الخلافيات مذهب ابن حنبل، وكان يقول: إنما هو رجل حديث، لا رجل فقه، وامتحن لذلك، وقد أهْمَلَ مذهبه كثيرٌ ممن صنفوا في الخلافيات، كالطحاوي والدبوسي والنسفي في منظومته، والعلاء السمرقندي، والفراهي الحنفي، أحد علماء المائة السابعة، وكذلك أبو محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي المالكي في كتابه (الدلائل)، والغزالي في (الوجيز)، وأبو البركات النسفي في (الوافي)، ولم يذكره ابن قتيبة في (المعارف)، وذكره المقدسي في (أحسن التقاسيم) في أصحاب الحديث فقط، مع ذكره داود الظاهري في الفقهاء.

وهذا الذي ذهبوا إليه باطل لأمور:

الأول: وصف الأئمة له بالفقه، وثناؤهم عليه في ذلك، قال الإمام الشافعي -رحمه الله- عند قدومه إلى مصر من العراق: "ما خلفت في العراق أحدا يشبه الإمام أحمد بن حنبل".

وقال أيضا: "أحمد إمام في ثماني خصال: إمام في الحديث، إمام في الفقه، إمام في اللغة، إمام في القرآن، إمام في الفقر، إمام في الزهد، إمام في الورع، إمام في السنة" (١).

وقال أبو زرعة: "ما رأيت مثل أحمد بن حنبل في فنون العلم، وما قام أحد بمثل ما قام به أحمد" (٢).

وقال عبد الرزاق: "ما رأيت أفقه ولا أورع من أحمد بن حنبل" (٣).


(١) المنهج الأحمد، لعبد الرحمن بن محمد العلي، وطبقات الحنابلة، للقاضي أبي يعلى الفراء: ١/ ٥.
(٢) حلية الأولياء: ٩/ ١٦٤.
(٣) أحسن المحاسن، لإبراهيم بن أحمد الرقي: ٢٢١.

<<  <   >  >>