للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الأول الموجبون للتقليد]

[المبحث الأول: القائلون بهذا القول]

أوجب طائفة كبيرة من الفقهاء -الذين جاؤوا بعد عصر الأئمة المجتهدين- التقليد، وقصروا الأخذ بالكتاب والسنة على من بلغ رتبة الاجتهاد، وقد سمّى الغزالي رحمه الله الموجبين للتقليد بالحشوية والتعليمية (١)، ولكن هذا الرأي هو الذي عليه أكثر الفقهاء في عصر التقليد.

يقول صاحب مراقي السعود:

من لم يكن مجتهدا فالعمل … منه بمعنى النص مما يحظل

وقد شرح الناظم بيته هذا في كتابه "نشر البنود" فقال:

"يعني أن غير المجتهد يحظل له، أي يمنع أن يعمل بمعنى نص من كتاب أو سنة، وإن صح سندها؛ لاحتمال عوارضه من نسخ وتقييد وتخصيص، وغير ذلك من العوارض التي لا يضبطها إلا المجتهد، فلا يخلصه من الله إلا تقليد مجتهد، قاله القرافي" (٢).

وأغرق فريق وأوغل في دعوى إيجاب التقليد عندما أوجبوا تقليد واحد من الأئمة الأربعة دون غيرهم، وحرَّموا تقليد الصحابة وعلماء التابعين ومن بعدهم من الأئمة سوى الأربعة، جاء في جوهرة "التوحيد": "وواجب تقليد حبر منهم"، أي من الأئمة الأربعة، وقال الباجوري في حواشه على (الجوهرة) عند هذه العبارة: "ولا يجوز تقليد غيرهم، ولو كانوا من الصحابة؛ لأن مذاهبهم


(١) المستصفى: ٢/ ٣٨٧.
(٢) أضواء البيان: ٧/ ٤٢٣.

<<  <   >  >>