الإرادات في الجمع بين المقنع والتنقيح وزيادات)، فعكف الناس عليه، وهجروا ما سواه من كتب الأقدمين كسلا منهم، ونسيانا لمقاصد علماء هذا المذهب (١).
وتبقى مؤلفات ابن قدامة وخاصة (المغني)، والشروح التي وضعت على (المقنع) وخاصة (المبدع)، وشرح القاضي أبي يعلى لمختصر الخرقي، وأمثال هذه المؤلفات التي تعنى بالدليل، ويحاول أصحابها جاهدين أن يتوصلوا إلى مراد الله في الأحكام هي المقصد الأسمى، الذي ينبغي أن يتجه طلبة العلم إلى نيله وتحصيله، والله المستعان.
ولا يفوتني في هذه العجالة أن أنوه إلى الفقه العظيم الذي ورثه لنا ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، فإنهما ينسبان إلى الحنابلة، مع أن فقههما قد خرج إلى المجال الرحب، فقه أئمة الإسلام، ولم يتقيدا بفقه مذهب واحد، إلا أن هذا لا يخرجهما عن إطار الفقه الحنبلي، فالحنابلة الذين نصروا الفقه القائم على الدين رحابهم واسعة، وآفاق فقههم لا تحد إلا بحدود الأدلة من الكتاب والسنة، وقد مثل هذا الفقه بهذه الرحابة والاتساع عدد كبير من فقهاء المذاهب، وكان لفقهاء الحنابلة من هؤلاء نصيب كبير، وقد مثل شيخ الإسلام وتلامذته وخاصة ابن القيم هذا الصنف من العلماء الأفذاد أحسن تمثيل.
[المطلب السادس: مصطلحات الفقه الحنبلي]
إذا أطق الحنابلة لفظ (القاضي) أرادوا به علامة زمانه: محمد بن الحسين ابن محمد بن خلف بن أحمد بن الفراء الملقب بأبي يعلى. والمتأخرون كصاحب الإقناع والمنتهى ومن بعدهما يطلقون لفظ (القاضي) على علاء الدين علي بن سليمان المرداوي صاحب الإنصاف.