للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل قد يكون المذهب ما قاله أحدهم في مسألة، ويكون المذهب ما قاله الآخر في أخرى، وكذا غيرهم باعتبار النصوص والأدلة والموافق له من الأصحاب.

هذا ما يظهر لي من كلامهم، ويظهر لمن تتبع كلامهم وعرفه، وسننبه على بعض ذلك في أماكنه.

وقد قيل: إن المذهب -فيما إذا اختلف الترجيح- ما قاله الشيخان، ثم المصنف، ثم المجد، ثم الوجيز، ثم الرعايتين.

وقال بعضهم: إذا اختلفا في المحرر والمقنع فالمذهب ما قاله في الكافي (١). وبما قدمناه يظهر لك مدى المعاناة التي يتجشمها علماء كل مذهب في معرفة الراجح من المذهب، ولو اهتموا بالترجيح بقوة الدليل لكان أسهل عليهم من هذا العناء الطويل الذي قد لا يصلون فيه إلى مرداهم.

[٦ - التوقف عند عدم القدرة على الترجيح]

إذا وجدنا عن أحد الأئمة في مسألة ما أكثر من قول، ولم نجد ما يدل على أن أحد هذه الأقوال مذهبه، ولم نعرف المتقدم من المتأخر منها، فلا يجوز بأن نجزم بأن واحدا منها مذهبه.

وإذا صرح الإمام في مسألة ما بأن فيها قولين، ولم يذكره أي هذين القولين مذهبه، فإن أطلق القولين، بأن قال: في هذه المسألة قولان، ولم يقل في فيها قولان، فيحمل قوله على أن لأهل العلم في هذه المسألة قولين، لا أن له هو فيها قولين (٢).

أما إذا صرح بنسبة القولين إليه، ولم يذكر أيهما مذهبه، فالصحيح أنه ليس له في هذه المسألة مذهب، وفي هذا يقول إمام الحرمين فيما نقله عنه


(١) الإنصاف: ١/ ١٦ - ١٨.
(٢) المحصول للرازي: ٥/ ٣٩٣.

<<  <   >  >>