للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الرابع: ظهور مدرسة أهل الحديث في بغداد]

لم تكن مدرسة أهل الحديث محصورة في إطار المدينة المنورة، ولا في إطار الحجاز، بل كان العلماء المنادون بها، والقائمون عليها منتشرون في كل قطر، ولكن أهل المدينة كانوا إلى عهد الإمام مالك أقوم بها من غيرهم، وبعد موت الإمام مالك وأمثاله من علماء الحجاز برزت بغداد من بين المدائن كأبرز معقل لأهل الحديث، لأنه قد سكن بها من أفشى السنة، وأظهر حقائق الإسلام، مثل أحمد بن حنبل، وأبي عبيد، وأمثالهما من فقهاء أهل الحديث، وظهرت بها السنة في الأصول والفروع منذ ذلك الوقت، وانتشرت السنة منها إلى الأمصار، وظهر في المشرق علماء أعلام، أمثال إسحاق بن إبراهيم بن راهويه وأصحابه، وأصحاب عبد الله بن المبارك، وصار إلى المغرب من عِلم أهل المدينة ما نقل إليهم من علماء الحديث، فصار في بغداد وخراسان والمغرب من العلم ما لا يكون مثله إذ ذاك بالحجاز والبصرة (١).

[المبحث الخامس: أشهر علماء أهل الحديث]

آلت زعامة مدرسة أهل الحديث إلى الأئمة: مالك، والشافعي، وأحمد، وسفيان الثوري، يقول الشهرستاني: "أصحاب الحديث هم أهل الحجاز، هم أصحاب مالك بن أنس، وأصحاب محمد بن إدريس الشافعى، وأصحاب سفيان الثوري، وأصحاب داود بن علي الأصفهاني" (٢).

ونقل البيهقي في كتابه (المدخل) عن يحيى بن محمد العنبري قوله: "طبقات أصحاب الحديث خمسة: (المالكية، والشافعية، والحنبلية، والرهاوية،


(١) راجع صحة عمل أهل المدينة: ٣٢.
(٢) الملل والنحل، للشهرستاني: ١/ ٢٠٦.

<<  <   >  >>