للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثاني المحرمون للتقليد]

ذهب فريق من العلماء إلى تحريم التقليد تحريما مطلقا، ومن هؤلاء ابن عربي الطائي، فقد قال: "التقليد فى دين الله لا يجوز عندنا، لا تقليد حي ولا ميت، ويتعين على السائل إذا سأل العالم أن يقول له: أريد حكم الله، أو حكم رسوله في هذه المسألة، فإن قال له المسؤول: هذا حكم الله في المسألة، أو حكم رسوله، تعين عليه الأخذ به، فإنَّ المسؤول هنا ناقل حكم الله وحكم رسوله الذي أمرنا بالأخذ به، فإن قال: هذا رأي أو هذا حكم رأيته، أو ما عندي في هذه المسألة حكم منطوق به، ولكن القياس يعطي أن يكون الحكم فيه مثل المسألة الفلانية المنطوق بحكمها، لم يجز للسائل أن يأخذ بقوله، ويبحث عن أهل الذكر، فيسألهم عن صفة ما قلناه" (١).

وقال العلامة الشوكانى في كتابه (إرشاد الفحول) ما نصه: "اختلفوا في المسائل الشرعية الفرعية هل يجوز التقليد فيها أم لا؟ فذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه لا يجوز مطلقًا، قال القرافي: مذهب مالك وجمهور العلماء وجوب الاجتهاد وإبطال التقليد، وادعى ابن حزم الإجماع على النهي عن التقليد"، ثم تابع الشوكاني كلامه فقال: "وبهذا تعلم أن المنع إن لم يكن إجماعًا فهو مذهب الجمهور، ويؤيد هذا ما سيأتي من حكاية الإجماع على عدم جواز تقليد الأموات، وكذلك ما سيأتي من أن عمل المجتهد برأيه إما هو رخصة له عند عدم الدليل، ولا يجوز لغيره أن يعمل به بالإجماع، فهذان الإجماعان يجتثان التقليد من أصله" (٢).


(١) عمدة التحقيق: ٥٠.
(٢) عمدة التحقيق: ٥١.

<<  <   >  >>