للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حجة يجب اتباعها. .، وقد ثبت في الحديث الصحيح، حديث العرباض بن سارية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضُّوا عليها بالنواجذ. . .)، والمحكي عن أبي حنيفة يقتضي أن قول الخلفاء الراشدين حجة، وما يعلم بأهل المدينة عمل قديم على عهد الخلفاء الراشدين مخالف لسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - (١).

[المرتبة الثالثة: ما هو حجة عند بعضهم]

إذا تعارض في المسألة دليلان، كحديثين وقياسين جهل أيهما أرجح، وأحدهما يعمل بعمل أهل المدينة، ففي هذه المسألة نزاع، فمذهب بعض العلماء أن الجانب الذي فيه عمل أهل المدينة يرجح بالجانب الآخر، وهذا مذهب مالك والشافعي، ومذهب أبي حنيفة أنه لا يرجح به، ولأصحاب أحمد وجهان: أحدهما: وهو قول القاضي أبي يعلى وابن عقيل: أنه لا يرجح. والثاني: وهو قول أبي الخطاب وغيره أنه يرجح به، وقيل: هو المنصوص عن أحمد، ومن كلامه قال: إذا رأى أهل المدينة حديثا وعملوا به فهو الغاية، وكان يفتي على مذهب أهل المدينة، ويقدمه على مذهب أهل العراق.

[المرتبة الرابعة: وهو ما ليس بحجة عند جمهورهم]

وهذا سبيله الاجتهاد، فإن عملهم الذي سبيله الاجتهاد ليس بحجة على غيرهم، فإنهم ليسوا بمعصومين عن الخطأ، واجتهادهم ليس معصوما، يقول ابن عقيل من الحنابلة: "وإنما لا يكون إجماعهم على عمل حجة في باب الاجتهاد؛ لأن معنا مثل ما معهم من الرأي" (٢).

ويقول ابن القيم في هذه المسألة: "وأما العمل الذي طريقه الاجتهاد


(١) صحة عمل أهل المدينة: ٢٦، وانظر المسودة: ٣٣٢.
(٢) المسودة: ٣٣٢.

<<  <   >  >>