المذاهب الفقهية متقاربة فيما بينها تقاربا كبيرا، حتى أن الذي يطالع اجتهادات الفقهاء في مختلف مذاهبهم، ما انقرض اتباعه منها، وما لم ينقرضوا يجد كأنها مذهب واحد، والأدلة على عمق التقارب بينها أكثر من أن تحصر منها:
١ - كل الأئمة الفقهاء أبناء مدرسة واحدة هي مدرسة أهل السنة والجماعة، عقيدتهم واحدة، وقد كانوا يدا واحدة في مواجهة الانحرافات العقائدية من الخوارج والمعتزلة والشيعة وغيرهم.
٢ - الأصول الكبرى ذات الأثر الأهم والأكبر في الفقه لا اختلاف فيها عندهم، وهي: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، فكلهم يأخذ بها، ويقيم بناءه الفقهي على أساسها، ولا يعكر على هذا المأخذ اختلافهم في بعض الأصول الثانوية المنتزعة من الأصول الكبرى السابقة.
٣ - الأئمة أخذ بعضهم من بعض، وتتلمذ بعضهم على بعض، فتلامذة أبي حنيفة رحلوا إلى الإمام مالك وأخذوا عنه، فأبو يوسف رحل إلى الإمام مالك، واستفتاه وأخذ عنه، والإمام محمد صاحب أبي حنيفة روى عن الإمام مالك موطأه.
ورحل بعض تلامذة الإمام مالك منهم أسد بن الفرات إلى العراق وأخذ عن شيوخ الحنفية أمثال محمد بن الحسن، وأسد هذا كان هو السبب في تأليف المدونة كما مرَّ معنا عندما تحدثنا عن مؤلفات المالكية.
والإمام الشافعي تتلمذ على الإمام مالك، وفي رحلة الشافعي إلى العراق