للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حاور مشايخ الحنفية تلامذة الإمام أبي حنيفة، فاستفاد منهم واستفادوا منه، وأخذ الإمام أحمد عن الشافعي رحمه الله.

وإذا استعرضت سيرهم وجدت أن اللاحق منهم كان يثني على السابق ويدعو له، ويأخذ من علمه، ولا يعكر على هذا تخطئة بعضهم لبعض، فإن هذا يحدث في المذهب الواحد.

٤ - انتقل العلماء الأعلام من مذهب إلى مذهب من غير نكير من أهل العلم، إلا إذا كان انتقالهم لغرض دنيوي أو اتباعًا للهوى.

يقول الشعراني: "لم ينكر أكابر العلماء في كل عصر على من انتقل من مذهب إلى مذهب إلا من حيث ما يتبادر إلى الأذهان من توهم الطعن في ذلك الإمام الذي خرج من مذهبه لا غير، بدليل تقريرهم لذلك المنتقل على المذهب الذي انتقل إليه" (١).

ونقل الشعراني عن القرافي قوله: "يجوز الانتقال من جميع المذاهب إلى بعضها بعضًا في كل ما لا ينتقض فيه حكم حاكم" (٢).

ونقل أيضًا عن السيوطي أنه سمّى عددًا من الذين انتقلوا من مذهب إلى مذهب من غير نكير عليهم من علماء العصر كانوا الذي فيه، منهم الشيخ عبد العزيز بن عمران الخزاعي كان من أكابر المالكية، فلما قدم الشافعي من بغداد تبعه، وقرأ عليه كتبه، ونشر علمه.

ومنهم إبراهيم بن خالد البغدادي كان حنفيًا فلما قدم الشافعي بغداد ترك مذهبه وتبعه، ومنهم أبو جعفر الطحاوي كان شافعيًا وتفقه على خاله المزني ثم تحول حنفيًا، ومنهم الخطيب البغدادي الحافظ كان حنبليًا، ثمَّ عمل شافعيًا، ومنهم ابن فارس صاحب كتاب المجمل في اللغة كان شافعيًا تبعًا لوالده، ثمَّ انتقل إلى مذهب مالك، وذكر عددًا من أهل العلم ممن تحول


(١) الميزان الكبرى: ١/ ٣٩.
(٢) المصدر السابق.

<<  <   >  >>