للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: السبب في تسميتهم بأهل الرأي]

يقول الشهرستاني: "وإنما سموا أصحاب الرأي؛ لأن أكثر عنايتهم بتحصيل وجه القياس، والمعنى المستنبط من الأحكام، وبناء الحوادث عليها، وربما يقدمون القياس الجلي على آحاد الأخبار، وقد قال أبو حنيفة: علمنا هذا رأي أحسن ما قدرنا عليه، فمن قدر على غير ذلك، فله ما رأى، ولنا ما رأينا" (١).

ولم تعن هذه المدرسة بالنصوص عناية المدرسة الأولى، وتوسعوا في الرأي، كما توسعوا في النظر في المسائل الفرضية التي لم تقع بعد.

[المبحث الثالث: أخطاء أهل الرأي]

وقد أحصى ابن القيم أخطاء أهل الرأي فكانت خمسة (٢):

[الأول: ظنهم قصور النصوص عن بيان جميع الحوادث.]

وقد عقد ابن القيم فصلا كبيرا، بين فيه شمول النصوص للأحكام، وأنها مغنية عن الرأي والقياس (٣)، وقد ساق فيه مسائل كثيرة اختلف فيها السلف الصالح، وقالوا فيها برأيهم، وأعملوا فيها القياس، مع أن النصوص قد بينتها، والقياس الصحيح شاهد أو تابع، وليس مستقلا في إثبات حكم من الأحكام لم تدل عليه النصوص.

ومن أمثلة ذلك اختلافهم في النباش الذي يسرق أكفان الموتى، هل تقطع يده؟ والصحيح أنه سارق داخل في قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ، فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (٤)، ومن ذلك الاكتفاء بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (كل مسكر خمر) عن


(١) المصدر السابق.
(٢) إعلام الموقعين: ١/ ٣٩٠.
(٣) إعلام الموقعين: ١/ ٣٩٢.
(٤) سورة المائدة: ٣٨.

<<  <   >  >>