للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تمهيد]

[موقف المسلم من الأئمة]

الأئمة أصحاب المذاهب الفقهية من خيرة علماء الأمّة، وقد بذلوا قصارى جهدهم في دراسة النصوص من الكتاب والسنة، وأقوال الصحابة وعلماء التابعين وأتباع التابعين، وقد بذلوا قصارى جهدهم في تفقيه المسلمين، وحملهم على اتباع الحق، وتخرَّج بهم جمع كبير من أصحابهم وتلاميذهم، وبقيت مناهجهم في فقه النصوص، وفهمهم لها منارا يستفيد منها طلاب الحق وطلبة العلم، ولا زالت كتبهم التي دونت، أو التي دونها تلامذتهم، ثروة نستفيد منها.

ولكن تبقى مذاهبهم فقها للكتاب والسنة، تُضَمُّ إلى فقه الصحابة وعلماء التابعين وأتباع التابعين من قبلهم (١)، ويبقى الكتاب والسنة، قبل ذلك وبعده، نهرا فياضا لا يمكن أن تحده فهوم الفقهاء، ويجب أن تبقى صلة المسلمين، وخاصة العلماء منهم، بالنهر الفياض والنبع الصافي، أقصد بذلك الكتاب والسنة، إلا أنه انتشر بعد الأئمة فهم خاطئ يقول بوجوب تقليد إمام من أئمة المذاهب، وأغرق هذا الاتجاه فيما ذهب إليه عندما حرّم أصحابه أتباع غير الأئمة الأربعة، حتى لو كان المقلد صحابيا أو تابعيا. . .

وسأحاول أن أبين هذه القضية، ومقدما لها بمقدمة أعرف فيها التقليد، ثم أبين حكمه، ثمَّ أعرض وجهة نظر الموجبين له، خاصة أولئك الذين يوجبون تقليد واحد من الأئمة الأربعة، وأبين مجانبة هذا القول للصواب، ثم أبين وجه نظر المحرمين للتقليد، وأخيراً أبين القول المختار في المسألة.


(١) يقول الشيخ شلتوت في كتابه الإسلام عقيدة وشريعة: ص ٨: "اتصلت بالقرآن أفهام العلماء والأئمة فيما لم يكن عن آياته نصا في معنى واحد، ومن هذا الجانب اتسع ميدان الفكر الإنساني، وكثرت الآراء والمذاهب في النظريات والعمليات، لا على أنها دين يلتزم، وإنما هي آراء وأفهام فيما هو من القرآن محتمل للآراء والأفهام".

<<  <   >  >>